الأخبارتقارير

الجزائر تتبرع بمقاتلات ميج-29 للجيش السوداني: تعزيز عسكري أم تصعيد للأزمة؟

تقرير | برق السودان 

في خطوة أثارت ردود فعل واسعة، تبرعت الجزائر بمقاتلات روسية الصنع من طراز “ميج-29” للقوات الجوية السودانية، وذلك بحسب تقارير صادرة عن مصادر عسكرية موثوقة. تأتي هذه الخطوة وسط صراع داخلي مستمر في السودان، حيث يحارب الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ضد قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي).

يُعتقد أن هذه الطائرات الحربية قد تُستخدم لتعزيز قدرات الجيش السوداني في مواجهة خصمه، مما قد يؤدي إلى تصعيد الأزمة القائمة وهذا ما حدث في اليومين الماضيين.

دور الجزائر في دعم الجيش السوداني

التبرع بالطائرات الحربية الجزائرية يُعد جزءًا من نهج استراتيجي أوسع يهدف إلى تعزيز علاقات الجزائر العسكرية في المنطقة الأفريقية. رغم أنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الجزائر دعمًا عسكريًا لدولة أخرى في أفريقيا، فإن هذا التبرع يأتي في وقت حساس للغاية بالنسبة للسودان. البلاد تعاني من أزمة إنسانية خانقة، حيث أدت الحرب الأهلية إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين.

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون «يمين» يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان «يسار»
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون «يمين» يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان «يسار»

وقد أشار موقع “Bulgarian Military” المتخصص في الشؤون العسكرية إلى أن التبرع بالميج-29 يأتي بتحفيز من إيران، الشريك الاستراتيجي للجزائر، في وقت تحاول فيه طهران توسيع نفوذها في المنطقة الأفريقية. ووفقًا للتقارير، فإن هذه الطائرات الحربية تمثل جزءًا من دعم عسكري أوسع يقدمه التحالف الجزائري-الإيراني للجيش السوداني.

القلق الدولي من تصاعد الأزمة

الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أعربت عن قلقها من هذه التطورات، معتبرة أن الدعم الجزائري قد يعرقل جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية. يأتي هذا القلق وسط تزايد التحركات الدولية لإنهاء الحرب التي اندلعت منذ أكثر من عام ونصف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

الدعم العسكري المقدم من الجزائر قد يعزز من قوة الجيش السوداني في مواجهة قوات حميدتي، ولكنه في الوقت ذاته يهدد بتمديد أمد الصراع. هذا التصعيد قد يؤدي إلى مزيد من الانهيار في الأوضاع الإنسانية والسياسية في السودان، وهو ما يثير مخاوف عدة دول ومنظمات إنسانية.

استغلال طائرات الميج-29: بين الفرصة والتهديد

تُعتبر طائرات الميج-29 واحدة من الطائرات المقاتلة الأكثر فعالية على مستوى العالم. ورغم أنها طائرات قديمة بالنسبة للقوات الجوية الجزائرية، إلا أن هذه المقاتلات ما زالت تشكل إضافة نوعية لقدرات الجيش السوداني. طائرات الميج-29 توفر للجيش السوداني فرصة لتعزيز دفاعاته الجوية والهجومية، خاصةً مع استمرار تزايد حدة المواجهات مع قوات الدعم السريع.

طائرات ميج-29 للقوات الجوية السودانية
طائرات ميج-29 للقوات الجوية السودانية

ومع ذلك، يُنظر إلى هذا التبرع على أنه تهديد مباشر للجهود الدولية الساعية إلى تهدئة الوضع في السودان. حيث إن امتلاك البرهان لمزيد من القوة الجوية قد يدفعه إلى مواصلة العمليات العسكرية بدلًا من الانخراط في مفاوضات سياسية. هذا بدوره يضع المجتمع الدولي في مأزق حقيقي، إذ تتضاءل فرص الحل السلمي كلما ازدادت الأطراف تسلحًا.

دعم الجزائر للقوات المسلحة السودانية: تاريخ طويل وتداخلات إقليمية

العلاقة بين الجزائر والسودان تمتد لسنوات طويلة، حيث سعت الجزائر إلى تعزيز نفوذها في أفريقيا عبر تقديم مساعدات عسكرية واستراتيجية للدول الحليفة. وفي حالة السودان، يبرز دور الجزائر بشكل خاص نظرًا للتداخل الإقليمي الحاصل، حيث تدعم إيران أيضًا الجيش السوداني وتعمل على تعزيز قدراته.

منذ سقوط نظام الإخوان المسلمين في السودان عام 2019، شهدت البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري. القوى الإسلامية، التي أُطيح بها، أعادت تشكيل نفسها داخل القوات المسلحة، مدعومة بإيران وحلفائها. ونتيجة لذلك، تحولت القوات المسلحة السودانية إلى ساحة للصراعات الداخلية بين القادة العسكريين المنتمين إلى الحركة الإسلامية وغيرهم من الضباط الذين يسعون إلى الحفاظ على وحدة الجيش.

ومع تصاعد الأزمة السودانية وامتدادها إلى المجتمع الدولي، بات دور الجزائر وإيران في تسليح الجيش السوداني محل انتقاد واسع. فبينما تحاول دول مثل الولايات المتحدة العمل على حل سلمي، يبدو أن هناك قوى إقليمية تفضل استمرار الصراع لتعزيز نفوذها على حساب أمن السودان واستقراره.

ماذا بعد تسليح الجيش السوداني؟

تبرع الجزائر بطائرات ميج-29 للقوات الجوية السودانية يمثل خطوة أخرى في تصعيد الأزمة المستمرة في السودان. وبينما يُنظر إلى هذه الطائرات على أنها إضافة نوعية لقدرات الجيش السوداني، فإن الدعم العسكري يأتي في وقت تُبذل فيه جهود دولية حثيثة لإنهاء الصراع عبر التفاوض.

ومع ازدياد النفوذ الإيراني في السودان وتصاعد تدخل الجزائر، يبدو أن الوضع يزداد تعقيدًا، حيث تُطرح تساؤلات حول مستقبل السودان وما إذا كانت هذه الخطوة ستسهم في استقرار البلاد أم تزيد من تعميق أزمتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى