تقارير

الجيش السوداني: من مؤسسة وطنية إلى تكتل تجاري مسلح

تورط قادة عسكريين في صفقات مشبوهة

بورتسودان | برق السودان

في ضربة أمنية نوعية، كشفت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إفشال واحدة من أخطر عمليات تهريب العتاد العسكري إلى السودان، والتي كانت موجهة بشكل غير قانوني إلى القوات المسلحة السودانية. العملية التي تم الإعلان عنها رسميًا سلطت الضوء على حجم الفساد المستشري داخل المؤسسة العسكرية السودانية، وضلوع عدد من كبار قادتها في شبكات تهريب وسمسرة عابرة للحدود، تستغل الحرب لتمرير الأسلحة وجني أرباح غير مشروعة على حساب دماء الأبرياء.

الجيش السوداني بحاجة إلى تطهير شامل ليس فقط من العناصر الفاسدة، بل من العقلية التي جعلت من «المجد للبندقية» شعارًا لحكم فاشل مدمر

عملية نوعية تكشف شبكة تهريب دولية يقودها سودانيون

في 30 أبريل، أعلن النائب العام لدولة الإمارات، الدكتور حمد سيف الشامسي، أن الأجهزة الأمنية في الدولة نجحت في إحباط محاولة تمرير شحنة ضخمة من الأسلحة والذخائر إلى السودان. الشحنة التي كانت تحتوي على أكثر من 5 ملايين طلقة من نوع 62×54.7 ملم إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والرشاشات والقنابل اليدوية، تم ضبطها قبل مغادرتها الدولة، بعد تتبع خلية متورطة في الوساطة والاتجار غير المشروع بالأسلحة.

التحقيقات كشفت عن تورط شبكة دولية يقودها عدد من الشخصيات السودانية المعروفة، بينهم صلاح قوش، المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات، وخالد يوسف، وأحمد ربيع، إلى جانب قادة في الجيش السوداني مثل عبدالفتاح البرهان وياسر العطا، ما يعكس تنسيقًا ممنهجًا بين شخصيات عسكرية ومدنية تعمل في الظل لإغراق السودان بمزيد من السلاح والدماء.

إنفوجرافيك
تفاصيل إحباط أكبر صفقة سلاح غير مشروعة إلى السودان
الجيش السوداني: من مؤسسة وطنية إلى تكتل تجاري مسلح

الفضيحة كشفت الوجه الآخر للقيادة العسكرية السودانية، التي بدل أن تسعى لحماية الوطن والمواطن، تحولت إلى جزء من سوق سوداء ضخمة تتاجر في العتاد العسكري وتستخدم نفوذها لتمرير صفقات مشبوهة. لم تعد القوات المسلحة تمثل الدولة، بل تحولت إلى ميليشيا مركزية تستخدم شعار “الوطنية” غطاءً لتمويل حرب عبثية، يسقط ضحاياها المدنيون الأبرياء يوميًا.

وفي الوقت الذي يُطلب من المجتمع الدولي دعم السودان للخروج من أزماته، يظهر الجيش بقياداته الحالية كأكبر معوق أمام أي حل سياسي أو استقرار مستقبلي. فبدلاً من الالتزام بالقوانين الدولية، اختار الجنرالات الانخراط في أنشطة تهريب السلاح وابتزاز المواطنين والسيطرة على موارد الدولة.

عملية الإمارات الأمنية لا تقتصر فقط على إحباط تهريب أسلحة، بل تفضح شبكة من المتاجرين بالحرب في السودان، بدءًا من قادة الجيش وصولًا إلى السماسرة المدنيين، الذين لا يتورعون عن إشعال النيران في وطنهم مقابل المال.

الرسالة باتت واضحة: الجيش السوداني بحاجة إلى تطهير شامل، ليس فقط من العناصر الفاسدة، بل من العقلية التي جعلت من “المجد للبندقية” شعارًا لحكم فاشل مدمر. وعلى المجتمع الدولي أن يتوقف عن التعامل مع الجنرالات كـ “أطراف شرعية”، فهم اليوم أصل المشكلة وليسوا بأي حال من الأحوال جزءًا من الحل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى