الخرطوم | برق السودان
تبدو جماعة «الإخوان» الإرهابية، في مواجهة عواصف وأزمات، هي الأكثر خطورة، على مدار تاريخها الحافل بالمؤامرات والعنف وسفك الدماء، بعد أن وصلت الخلافات إلى قمة الهرم التنظيمي، والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة عبر التلاسنات وتبادل الإهانات وكشف الفساد بين «جبهتيْ لندن وإسطنبول».
فبعد أن لفظها المصريون منتصف 2013م، بعد عام واحد فحسب من استيلائها على السلطة في القاهرة في ملابسات مشبوهة، وبالتوازي مع خسارة الجماعة جانباً كبيراً من الدعم الذي كانت تحصل عليه منذ ذلك الحين من قوى إقليمية مختلفة، تتفاقم الانقسامات في صفوفها، خاصة بعد وفاة إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشدها العام، قبل أسابيع في لندن.
فغياب منير عن المشهد، عن عمر يناهز 85 عاماً، أذكى الصراع الذي كان مشتعلاً من الأصل، في صفوف تلك الجماعة الدموية، منذ أن أعلنت السلطات المصرية في أغسطس 2020م، القبض على محمود عزت، نائب مرشد «الإخوان» محمد بديع، المقبوض عليه بدوره في مصر، والمدان بعدة قضايا إرهابية.
فخلال العاميْن اللذين أعقبا القبض على عزت، الذي كان كذلك قائماً بأعمال المرشد العام لذلك التنظيم الإجرامي، اندلعت الحرب بين ما بات يُعرف بـ «جبهتيْ لندن وإسطنبول» على الإمساك بزمام «الإخوان».
ففي ذلك الحين، أعلن إبراهيم منير، من لندن نفسه قائماً بأعمال المرشد خلفاً لعزت، وهو ما رفضته الجبهة الأخرى، التي يقودها الأمين العام السابق للجماعة الإرهابية محمود حسين، بل واستصدرت قراراً بعزل منير من منصبه.
وبعد وفاة منير، أعلنت «جبهة لندن» اختيار القيادي الإرهابي محيي الدين الزايط، المحكوم عليه بالسجن في مصر لإدانته بالتورط في هجمات دموية، خليفة له بشكل مؤقت، وهو ما لم تُقر به جبهة محمود حسين، وعارضه كذلك فصيل منشق ثالث، يُطلق على نفسه اسم «تيار التغيير»، ويقول إنه لا يدين بالولاء، لأيٍ من الجبهتيْن الأولييْن.
ويرتبط ذلك التيار، الذي يتألف بشكل أساسي من الجيل الجديد من كوادر هذه الجماعة الدموية، بالقيادي الإخواني محمد كمال، الذي أسس ما يُعرف بـ «اللجان النوعية» التابعة للتنظيم، والتي نفذت عمليات إرهابية ضد مؤسسات الدولة المصرية عقب إطاحته من السلطة عام 2013م، قبل أن يُعلن عن مقتل كمال نفسه، في اشتباكات مع قوات الأمن في أكتوبر 2016م.
وقال خبراء في شؤون الجماعات المتطرفة، إنه من غير المتوقع أن يُحسم الصراع بين هذه الأجنحة الثلاثة في أي وقت قريب.
وفقد التنظيم الإخواني زخمه، ولم يعد له ثقل في الشارع السياسي، وربما يشهد المزيد من الانقسام الداخلي، خاصة في ظل ما يتردد أن الكماليين في تركيا سيسهمون في الصراع السياسي داخل التنظيم، لكونهم مختلفين كثيراً مع محمود حسين، الذي يعارض وجود الشباب في الهيئة العليا للتنظيم، وهي سيناريوهات كلها في النهاية ستؤدي إلى تبخر التنظيم.
إن حالة الانقسام داخل جماعة الإخوان المسلمين تُشكِّل تحديًا وجوديًا لها. وقد فشلت حتى الآن جميع الجهود الرامية إلى المصالحة، وسيتصدر مشهدهم بيان “ليسوا منا.. ونحن لسنا منهم”.