تقارير

تحالف هش وصراع مصالح.. كيف تحوّل إدريس إلى دمية بيد كرتي في مشهد عبثي يحكمه الإخوان؟

خطة الإخوان: وزارات شكلية بسلطات مخترقة

تقرير | برق السودان 

مع تفاقم الأزمة السياسية والعسكرية في السودان، بدأت تظهر إلى السطح خلافات عميقة داخل ما يُعرف بـ”تحالف البرهان”، خاصة بين قيادة الجيش من جهة، وحركتي جبريل إبراهيم ومناوي، من جهة أخرى. هذه الخلافات التي انفجرت مؤخراً حول التشكيل الوزاري، كشفت عن تصدّع داخلي عميق وتضارب مصالح يهدد بانهيار تحالفٍ بُني على الانتهازية وليس على رؤية وطنية.

التحالف الذي يقوده البرهان ليس إلا واجهة لتحالفٍ أوسع تديره غرف الإخوان التي عادت إلى المسرح من بوابة الحرب بعد أن لفظها الشارع في ثورة ديسمبر

خلافات على الوزارات: معركة مصالح لا مبادئ

تتركز الخلافات بين قادة المعسكر الحكومي الحالي حول وزارتي المالية والمعادن، اللتين تمثلان شريان التمويل الأساسي في ظل الانهيار الاقتصادي الكامل منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

جبريل إبراهيم، وزير المالية السابق وزعيم حركة العدل والمساواة، يصرّ على التمسك باتفاق جوبا للسلام، باعتباره مدخلاً لضمان نصيب حركته في السلطة، بينما يخشى الجيش، الخاضع لهيمنة الإخوان، من فقدان السيطرة على المورد المالي الذي يغذي العمليات العسكرية وترتيبات التسليح.

في المقابل، يرى مراقبون أن الخلاف الحقيقي ليس على الحقائب بقدر ما هو صراع بين مراكز القوى داخل النظام، حيث يحاول كل طرف تأمين مكاسب سياسية ومادية تعزز موقعه في صراع مستقبلي قادم لا محالة.

إدريس-دمية
علي كرتي يحرّك البرهان.. وكامل إدريس ينفذ

كرتي يحرّك إدريس.. والبرهان ينفذ

وسط هذا المشهد، يبرز كامل إدريس، الذي طُرح اسمه لرئاسة حكومة مرتقبة، كدمية سياسية تُحركها أذرع تنظيم الإخوان.

فالرجل، الذي كان يحظى سابقاً بقدر من الاحترام في الأوساط الأكاديمية والدبلوماسية، بات اليوم أداة بيد علي كرتي، العقل المدبر للإخوان في السودان. وما يجري ليس سوى تمرير صفقات داخلية ينسقها كرتي، عبر عبد الفتاح البرهان، لإعادة توزيع النفوذ داخل السلطة بشكل يُرضي الإخوان ويحافظ على سيطرتهم.

تسريبات الاجتماعات الأخيرة التي ضمت إدريس، وقيادات من الحركتين المسلحتين، جاءت لتكشف حجم التلاعب الذي يُدار من كواليس السلطة، وكيف تحوّلت الاجتماعات إلى أدوات لاستفزاز الشركاء المتحالفين مع الجيش، لدفعهم نحو الانسحاب والانعزال في دارفور، تمهيداً لتفكيك أي تحالف يمكن أن يهدد مشروع الإخوان في السيطرة الكاملة.

خطة الإخوان: وزارات شكلية بسلطات مخترقة

رغم ما يظهر من تنازلات شكلية في مفاوضات توزيع الوزارات، إلا أن الحقيقة أن تنظيم الإخوان يسعى لتثبيت نفوذه داخل مفاصل الدولة، عبر تعيينات إدارية وعسكرية خفية تضمن استمرار التحكم في القرار التنفيذي.

حتى إن تم منح جبريل إبراهيم، أو مني أركو مناوي، حقيبة المالية أو المعادن، فستبقى هذه الوزارات مفرغة من سلطتها الحقيقية، وتخضع لرقابة مباشرة من عناصر تابعة لكرتي والدوائر الأمنية الموالية له.

ويقول مراقبون إن الخطة الحقيقية التي تُدار في الظل تهدف إلى إشعال فتيل صراع داخلي بين حلفاء الجيش والدعم السريع في دارفور، عبر تقليص نفوذ الحركات المسلحة داخل السلطة المركزية ودفعها إلى الانكفاء الجغرافي، وهو ما سيؤدي إلى تصفية وجودها السياسي لاحقاً.

تحالف البرهان.. عباءة الإخوان وأدوات الانهيار

التحالف الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، ليس إلا واجهة لتحالفٍ أوسع تديره غرف الإخوان، التي عادت إلى المسرح من بوابة الحرب، بعد أن لفظها الشارع في ثورة ديسمبر.

وما نشهده اليوم هو إعادة تدوير لوجوه الحرب والفساد، في مشهد عبثي يكرّس سلطة السلاح على حساب الدولة المدنية، ويقود السودان نحو مزيد من الانهيار.

وفي ظل هذا الواقع، تبقى محاولات تفكيك تحالفات المصالح الانتهازية واجباً وطنياً، لا يتم إلا بكشف الأدوات التي يستخدمها تنظيم الإخوان للسيطرة على مؤسسات الدولة، وإبراز كيف تحوّل كامل إدريس إلى “رئيس بالريموت” في يد كرتي، ينفّذ ما يُملى عليه دون رؤية أو مشروع حقيقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى