
بورتسودان | برق السودان
تشهد مدينة بورتسودان، التي باتت المعقل السياسي والإداري المؤقت للحكومة السودانية، حركة جوية نشطة وملفتة للنظر، في ظل استمرار الحرب الدموية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.
فقد سجّل مطار بورتسودان الدولي، خلال الساعات الماضية، وصول عدة طائرات شحن وطائرات مدنية قادمة من إسطنبول وجدة، في تحركات تزامنت مع تصعيد العمليات العسكرية في ولايات الجزيرة وكسلا والنيل الأبيض.
بات واضحًا أن مطار بورتسودان لا يُستخدم فقط لنقل المدنيين أو المساعدات الإنسانية بل يُستغل كذلك لاستقبال شحنات عسكرية أو تكنولوجية متقدمة
من بين أبرز الرحلات التي تم رصدها:
• طائرة الشحن AirMaster B737-8F2 برقم تسجيل SU-SAW #010260، والتي غادرت إسطنبول برمز الرحلة RMX8005.
• طائرة Il-76TD التابعة لشركة “روبي ستار” برقم EW-383TH #510081 تحت الرحلة RSB7621، وهي طائرة شهيرة بقدرتها على نقل معدات ثقيلة ومرتبطة بعمليات نقل لوجستي في مناطق نزاع.
• طائرة الشحن الأخرى من طراز B737-8F2(BCF) برقم SU-SFY #010261، والتي غادرت إسطنبول باسم الرحلة RMX8002 وهبطت بالفعل في بورتسودان.
• الرحلة المدنية MR7703 القادمة من جدة والتي هبطت في بورتسودان، ما يدل على استمرار انفتاح المطار على الحركة الجوية الإقليمية.

بورتسودان مركزًا بديلًا للعمليات الجوية… وخط إمداد في قلب المعركة
منذ تدمير مطار الخرطوم الدولي في بداية الحرب، تحولت بورتسودان إلى نقطة الارتكاز الجوية الوحيدة المتاحة للحكومة السودانية. ولم يعد هذا التحول مجرد ضرورة فنية، بل أصبح جزءًا من استراتيجية عسكرية متكاملة، تعتمد على تعزيز الجسر الجوي من الحلفاء الإقليميين والدوليين الذين يدعمون الجيش السوداني بصورة غير معلنة.
بات واضحًا أن مطار بورتسودان لا يُستخدم فقط لنقل المدنيين أو المساعدات الإنسانية، بل يُستغل كذلك لاستقبال شحنات عسكرية أو تكنولوجية متقدمة، سواء كانت ضمن صفقات تسليح سرية أو ضمن دعم استخباراتي ولوجستي يجري بعيدًا عن الأضواء.
وتشير مصادر في مجال الطيران إلى أن استخدام طائرات من نوع “إيل-76” يرتبط عادة بعمليات نقل حساسة، ويُحتمل أن تكون هذه الشحنات مرتبطة بمحاولات تعزيز قدرة الجيش السوداني في مناطق المواجهة، لاسيما بعد تعرضه لضغوط ميدانية في ولايتي القضارف وسنار.
التحالفات تتحرك بصمت في سماء السودان والضحايا مدنيون
رغم صمت العواصم الإقليمية والدولية، إلا أن التحركات الجوية في سماء السودان تعكس ديناميات دعم خفي وواضح للجيش السوداني، الذي وُثق مرارًا استهدافه للمدنيين في مناطق النزاع. تقارير حقوقية مستقلة أشارت خلال الأسابيع الماضية إلى ارتفاع وتيرة القصف الجوي الذي تشنه طائرات تابعة للجيش على أسواق وقرى ومراكز صحية في ولايات النيل الأبيض والجزيرة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال.
وتُتهم أطراف إقليمية فاعلة بتوفير غطاء لوجستي وتسليحي للنظام العسكري، عبر رحلات جوية غير خاضعة للرقابة، تمر من خلال بورتسودان، حيث تغيب الشفافية وتُحجب بيانات الشحنات عن الرأي العام. هذا النوع من الدعم لا يمر فقط عبر قنوات دبلوماسية صامتة، بل يُنفذ عمليًا في صمت عبر رحلات الشحن التي تتجنب التصريحات وتصل في ساعات الفجر الأولى.
ويرى مراقبون أن هذه التحالفات الجوية، رغم تكتمها، تشكل امتدادًا لصراع النفوذ الإقليمي في السودان، حيث تتنافس قوى مختلفة على تعزيز حلفائها على الأرض، بغض النظر عن الكلفة الإنسانية، ما يجعل من بورتسودان منصة جديدة لحرب الظل التي تُخاض بطائرات وشحنات غير معلنة.
في ظل هذا المشهد، باتت بورتسودان أكثر من مجرد مطار بديل؛ إنها محور تحرك لوجستي في قلب صراع تتداخل فيه مصالح الدول، وتُسحق فيه حياة المدنيين بلا رحمة.