صراع الرئاسة في الحكومة الموازية بالسودان: خلاف متصاعد بين الدعم السريع والحركة الشعبية شمال
احتدام الخلاف في نيروبي على رئاسة مجلس السيادة

نيروبي | برق السودان
كشفت مصادر سودانية مطلعة عن تصاعد الخلافات بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو حول رئاسة مجلس السيادة في الاجتماعات التي تعقدها القوى السياسية والعسكرية السودانية المؤيدة لتشكيل حكومة موازية في العاصمة الكينية نيروبي.
ووفقًا للمصادر، فإن الحلو متمسك برئاسة المجلس، مؤكدًا أن الجيش الشعبي لا يمكن أن يكون تحت قيادة جيش آخر، في إشارة إلى رفضه تولي قوات الدعم السريع قيادة المجلس. في المقابل، تصر قوات الدعم السريع على تولي الرئاسة، معتبرة نفسها القوة الأساسية التي تمتلك مشروع الحكومة الموازية. فيما تجرى اجتماعات مكثفة بين الأطراف لحسم هذا النزاع، وسط مخاوف من أن تؤدي الخلافات إلى تفكك التحالف المناوئ للجيش السوداني.
تحليل الصراع: تنافس على النفوذ وسط غياب رؤية موحدة
يعكس هذا الخلاف انعدام الثقة والتنافس السياسي والعسكري بين المكونات التي تسعى لإدارة المشهد السوداني بعيدًا عن سلطة الجيش. ويرى المراقبون أن الحركة الشعبية – شمال تنطلق من منطلقات أيديولوجية تميل إلى الفيدرالية والحكم الذاتي، بينما تعمل قوات الدعم السريع وفق منطق السيطرة العسكرية والهيمنة السياسية، وهو ما يفسر إصرارها على قيادة المجلس.
العوامل المؤثرة في الصراع:
1. التوازن العسكري والسياسي: كلا الطرفين يمتلك قوة عسكرية على الأرض، لكن توزيع السيطرة الجغرافية بينهما يجعل التوصل إلى اتفاق صعبًا.
2. الخلفيات الفكرية المختلفة: الحلو يقود مشروعًا يستند إلى العلمانية والفيدرالية، بينما تسعى قوات الدعم السريع إلى فرض نموذجها القائم على الهيمنة العسكرية والاقتصادية.
3. التأثيرات الإقليمية والدولية: هناك أطراف دولية تدعم هذه المفاوضات وتتابعها عن كثب، وربما تسعى للتأثير على مجريات الصراع بما يخدم مصالحها.
السيناريوهات المحتملة: توافق صعب أم تفكك محتمل؟
يواجه هذا الخلاف عدة احتمالات، قد يكون أبرزها أحد السيناريوهات الثلاثة التالية:
1. التوصل إلى تسوية مؤقتة
قد يتم الاتفاق على تقاسم السلطة، إما عبر آلية الرئاسة الدورية بين الطرفين، أو تقسيم الصلاحيات بحيث يحتفظ كل طرف بجزء من التأثير دون السيطرة الكاملة. لكن هذا السيناريو يبقى هشًا، خاصة مع غياب الضمانات لتنفيذه على المدى الطويل.
2. استمرار الانقسام داخل التحالف المناوئ للجيش
في حال تعذر الاتفاق، قد تؤدي هذه الخلافات إلى تفكك التحالف، ما سيضعف الموقف العام للقوى المعارضة للجيش السوداني. كما قد يدفع ذلك بعض الأطراف إلى إبرام صفقات جانبية مع الفاعلين المحليين أو الدوليين، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
3. وساطة إقليمية أو دولية لحسم الخلاف
مع تصاعد الخلافات، قد تتدخل أطراف إقليمية مثل كينيا أو الاتحاد الإفريقي لفرض تسوية سياسية بين الأطراف المتنازعة. هذا التدخل قد يفضي إلى صياغة تفاهمات جديدة تضمن مشاركة الجميع، لكنه سيعتمد على استعداد الطرفين لتقديم تنازلات.
يبدو أن النزاع على رئاسة مجلس السيادة يعكس تحديات أعمق تواجه المشروع السياسي للقوى المناوئة للجيش السوداني. فبينما تحاول هذه القوى تشكيل حكومة موازية، إلا أن افتقارها لرؤية موحدة واتفاق واضح حول آليات الحكم قد يعرقل جهودها. ومع استمرار الاجتماعات في نيروبي، ستتضح ملامح التوافق أو الانقسام بين هذه الأطراف خلال الفترة المقبلة، في ظل مراقبة إقليمية ودولية حذرة لما ستؤول إليه هذه التطورات.