الأخبار

مذكرة سودانية إلى غوتيريش تطالب باستبدال مبعوثه للسودان رمطان لعمامرة

فشل المبعوث الأممي في تحريك العملية السياسية

بورتسودان | برق السودان 

في تطور لافت ضمن الجهود المدنية الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة في السودان، بعثت مجموعة من الشخصيات السودانية البارزة، تضم سياسيين ودبلوماسيين سابقين وأدباء وفنانين ومحامين وإعلاميين، بمذكرة رسمية – تحصلت برق السودان على نسخة منها – إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تطالبه بإيجاد بديل للمبعوث الأممي الخاص إلى السودان، السيد رمطان لعمامرة.

سياسيون وأدباء وفنانون وإعلاميون يطالبون الأمم المتحدة بتحرك عاجل لإنهاء الأزمة السودانية

فشل المبعوث الأممي في تحريك العملية السياسية

وأشارت المذكرة إلى أن السيد لعمامرة، رغم مرور أكثر من عام على تعيينه، لم يتمكن من إطلاق أي عملية سياسية جادة لإيقاف الحرب، التي دخلت عامها الثاني وتسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث.

وأكد الموقعون على المذكرة أن المبعوث الأممي فشل في ممارسة أي ضغوط دبلوماسية على أطراف النزاع لوقف الانتهاكات، أو لإنهاء استخدام الوضع الإنساني المتدهور كسلاح في الحرب من قبل الطرفين.

المذكرة تطالب بإعادة تقييم دور بعثة الأمم المتحدة والبحث عن شخصية جديدة للمبعوث الأممي تمتلك “الجرأة والاستقلالية والقدرة على الضغط السياسي” بعيداً عن الاعتبارات الدبلوماسية التقليدية

انتقادات لدور الأمم المتحدة في الملف السوداني

انتقدت المذكرة أيضًا أداء الأمم المتحدة بشكل عام في ملف السودان، معتبرة أن صمت المنظمة الدولية وتقاعس مبعوثها الخاص ساهم في تعقيد الأزمة، وترك المدنيين تحت رحمة السلاح والمجاعة والنزوح القسري.

وطالبت المذكرة بإعادة تقييم دور بعثة الأمم المتحدة والبحث عن شخصية جديدة للمبعوث الأممي تمتلك “الجرأة والاستقلالية والقدرة على الضغط السياسي”، بعيداً عن الاعتبارات الدبلوماسية التقليدية.

دعوة لتحرك عاجل قبل فوات الأوان

وشدد الموقعون على أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل حاسم من الأمم المتحدة سيعني “تطبيع المأساة”، ما سيقوض فرص السلام، ويمنح أطراف الحرب مزيدًا من الوقت لمواصلة تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة والمجتمع.

كما حثت المذكرة الأمين العام غوتيريش على التفاعل الإيجابي مع هذه المطالب، والقيام بخطوات جادة تعيد الثقة في دور الأمم المتحدة لدى الشعب السوداني.

فيما يلي تورد برق السودان نص المذكرة:

13 يونيو 2025

السيد المحترم أنطونيو غوتيريش،

الأمين العام للأمم المتحدة

تحية وتقدير.. وبعد،،

الموضوع: بشأن المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، السيد رمطان لعمامرة

نخاطبكم باسم مجموعة متنوعة من الشخصيات العامة والقيادات المدنية الديمقراطية، بهذا الخطاب بشأن أداء مبعوثكم الشخصي إلى السودان، رمطان لعمامرة، والذي عبر عن عجزه التام في قيادتكم نحو السلام والتسوية، بعد أكثر من عام من اندلاع الحرب الطاحنة في عدد من مدن السودان.

نحن على يقين من أنكم تبذلون مجهودات مشهودة لكم في السودان، بعد ضغوط سلطات الانقلاب العسكري بنائكم، وبتعيين مبعوث شخصي يرضى عنه الانقلاب، بدلًا من تعيين مبعوث خاص بناء على عرض المنطقة أو المشاورات الدولية المعهودة. إن هذا الإجراء شكل تحولًا مقلقًا في مسار دعمكم للسلام، وخروجًا عن تقاليد الأمم المتحدة في الحياد والنزاهة.

وبناءً على مراجعتنا الدقيقة للمسار السياسي خلال العام الماضي، فإن أداء المبعوث الشخصي لسيادتكم اتسم بالضعف، وغياب الحسم، وعدم القدرة على مخاطبة الأطراف بوضوح، وفشل في بلورة موقف أممي واضح من الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، أو في حماية حقوقهم، وتقديم رؤية عادلة للحل السياسي تضمن وحدة السودان وسلامه الداخلي والإقليمي والدولي.

كما مخاطباتنا لكم مستندة على خلفية معرفتنا ومشاركتنا في الأدوار الإيجابية للمنظومة وفدات الأمم المتحدة السابقة في السودان، بدءًا من الأدوار الميدانية لبعثة اليونتامس، وانتهاءً بجهود حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي، ممن كانوا يؤمنون بتمكين المدنيين، ويدركون أهمية المرحلة، ويقودون دورًا فاعلًا في حماية المدنيين والدفع بمسار الحل السلمي العادل.

بعد مرور العام والنصف على تعيين السيد رمطان لعمامرة مبعوثًا شخصيًا لكم، فقد السودانيون وتنظيماتهم المدنية والسياسية الثقة في الأمم المتحدة، ليس فقط لفشل أدوارها وتأخرها المطلوب، وإنما كذلك لتغييبها لمواقف واتخاذها لخطوات ظلت تضر بالوصول لاستقرار دائم من أمام الحرب. ونورد هنا بعض الملاحظات حول قصور أداء مبعوثكم الشخصي حول القضايا الرئيسية التالية:

● الأزمة الإنسانية وحماية المدنيين:

لا يُخفى عليكم تصنيف الأوضاع الإنسانية بعد عامين من استمرار الحرب بأنها الأسوأ في التاريخ المعاصر، بتخطيطها المباشر على حياة ملايين السودانيين، وعلى مساكنهم ومستشفياتهم وأمنهم ومعيشتهم.

وما زالت القوات الجوية للجيش السوداني تقصف الأحياء والأسواق والمرافق المدنية دون محاسبة أو حتى موقف يدين تلك الجرائم المتكررة من الأمم المتحدة وقيادتها.

إن تقارير المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، من أوتشا والمفوضية واليونيسف، توضح بشكل قاطع الاستخدام السياسي للسلاح كوسيلة لحصار المدن والقرى وقتل المدنيين، ومع ذلك ظل المبعوث الشخصي عاجزًا عن مخاطبة الأطراف المتورطة بشكل واضح، أو حتى تسمية الجهة المسؤولة عن استهداف المدنيين، وعلى رأسهم قيادة الجيش السوداني.

كما لم يقدم مبعوثكم أي مقترحات لحماية المدنيين، أو تعزيز وصول المساعدات، أو فتح ممرات آمنة، أو تمكين اللاجئين والنازحين من الوصول للغذاء والماء والدواء، ولم يضغط على الدول الفاعلة في مجلس الأمن أو المنظمات الإنسانية الدولية لتغيير الوضع الراهن، بل ظل يمارس دورًا دبلوماسيًا تقليديًا دون فعالية تذكر، وهو ما أفقد منصب المبعوث الشخصي مكانته ومصداقيته، ومن ثم ثقة الشعب السوداني ومكوناته.

● المسار السياسي ووقف الحرب وتسليم السلطة:

رغم وضوح موقف القوى المدنية في تمسكها بإطلاق عملية سياسية واضحة المعالم تؤدي إلى وقف الحرب، وتسليم السلطة للمدنيين، ظل مبعوثكم الشخصي بعيدًا عن تبني هذا الموقف، بل ومتساويًا بين الجلاد والضحية.

كما ظل مستعملًا لغة غامضة عند مخاطبته للأطراف، وتوصيفه للانقلاب العسكري في السودان، أو حتى موقفه من عرقلة مسار جنيف الذي قادته بعض القوى المدنية، واعتبر خطوة دولية مسؤولة لكسر الجمود.

وتغافل المبعوث الشخصي عن حقيقة أن القوى الانقلابية ظلت ترفض أي حل سلمي، وتراهن على الحسم العسكري، وتمنح القاعدة العسكرية الإيرانية في أوسيف صلاحية التمدد والسيطرة، مهددة بذلك أمن البحر الأحمر والمنطقة، مما يستدعي من الأمم المتحدة دورًا أكثر وضوحًا ومواجهة سياسية مسؤولة، تحافظ على وحدة السودان وسلامة الإقليم، وتحول دون خلق توازنات دولية تزيد من التوتر العسكري والانقسام.

● تبني أطروحات بلغة ومضامين مختلفة عليها حول السيادة والشرعية:

في ظل البيان الباطل لطرق حرب 15 أبريل الرئيسين لتنفيذ السياسات الإيرانية وتصفية قيادة الجيش السوداني، فإن أداء المبعوث الشخصي ظل غامضًا وغير منسجم مع موقف الأمم المتحدة المعلن عن احترام السيادة ووحدة السودان.

بل إن الأساس بموجبه صرح رئيس المجلس والداعم للحرب السفير والدفاع عن سياسات العنف لم يكن موضع انتقاد من المبعوث الشخصي، بل على العكس، كان واضحًا مباركته لهذا النهج بتبنيه تصريحات حماية السيادة السودانية، وهو في جوهره غطاء لرفض المقترحات الأممية، ورفض الحلول السلمية، وموافقة ضمنية على تقسيم البلاد، في اجتماعاته بجهتين رئيس وزراء سابق، وقادة مليشيات أعلن في خطابه الأول أنه في حالة حرب تجاه أحد أطرافها.

● تنسيق الجهود الإقليمية والدولية:

بدلًا عن مبادرة الأمم المتحدة في قيادة التنسيق أو حشد الجهود الدولية والإقليمية للوساطة من أجل الأزمة في السودان، تراجع المبعوث الشخصي عن هذه المهمة، واكتفى بلقاءات متفرقة وغير منتظمة مع الفاعلين، دون الالتزام بأي خط سياسي واضح.

كما غاب المبعوث الشخصي عن عدد من المنابر الإقليمية، مثل اجتماعات مجلس السلم والأمن الإفريقي ومؤتمر القادة الأفارقة، ولم يكن له دور مؤثر في حث الدول المؤثرة على اتخاذ مواقف واضحة من الحرب والانقلاب في السودان لعقود مضت.

● التحفيز والعمل الإيجابي مع دول الجوار:

أهمل المبعوث الشخصي للأمين العام أهمية التواصل وربط الجسور مع عواصم دول جوار السودان، خاصة في ظل الاتجاهات والسياسات الجديدة التي أبدت مرونة في دعم مسار الحل السلمي، وموقفها من تعقيدات الحرب الجارية.

فلم يزر المبعوث حتى الآن دولًا محورية، ولم يقدم أي مبادرات مشتركة مع الأطراف الإقليمية، ولم يعقد أي تنسيق فعلي لوقف التصعيد المتزايد من بعض دول الإقليم، ولم يفتح حوارًا بناءً مع الفاعلين الدوليين المعنيين بالوضع في السودان، خاصة بعد انهيار المسارات الثنائية بين أطراف النزاع.

كما أن ضعف الدور الدبلوماسي تجاه الدول المجاورة ساهم في استمرار العلاقات والتقاطعات مع بعض الجهات التي تؤجج الصراع، وتُضعف أي فرص لتوافقات دولية نحو حل سياسي سلمي.

● الاستفادة من المبعوثين الخاصين والمراكز البحثية العالمية:

ظل المبعوث الشخصي يعمل بمعزل عن تطورات المشهد، ولا يستفيد من التقارير الخاصة بالأمم المتحدة، أو المراكز البحثية والمعلومات أو توظيف تأثير لهم على عملية إيقاف الحرب، وهو ذات تجاهله وعدم اهتمامه بالمنظمات غير الحكومية والمراكز البحثية الفاعلة بنشاط في بحث جذور الحرب وكيفية تصميم عمليات سياسية ممهدة للسلام مع الفاعلين والخبرات التي تملكها.

● تعزيز دور وصورة الأمم المتحدة:

لقد وضع مبعوثكم الشخصي ومكتبه الداعم، مصداقية وسمعة وخلفية الدور الأممي للأمم المتحدة في أدنى مستوياتها، بين مجموع أصحاب المصلحة من السودانيين، في المجتمع المدني والتنظيمات السياسية والمجتمعية والحركات المسلحة، وحتى من بعض أطراف الجيش، اختار المبعوث الشخصي طرفًا سودانيًا واحدًا فقط، وهو القوات المسلحة، وظل في خانة الأقرب لها، دون توضيح حتى لمنصبه، أو سبب انتقائه لهذا المسار.

وفشل مبعوثكم في تكوين الحاضنة السياسية والموحدة، وفقد كثيرًا من الدعم المحلي والإقليمي، حتى لدى بعض الدول الفاعلة، ما جعله غير قادر على طرح أي مبادرة سياسية أو تسوية جامعة، بل على العكس، ظل يُنتقد من الأطراف الدولية والفاعلين والأكاديميين وفرق الجهود الخارجية.

ختامًا:

نعلم أنكم في العام الماضي تلقّيتم العديد من المذكرة تؤكد أن استمرار مبعوثكم الشخصي السيد رمطان لعمامرة، في موقعه الحالي، لن يفضي إلى أي حلول سياسية أو إنسانية، بل إنه أصبح أحد أسباب تعثر الجهود الإقليمية والدولية، لما يحمله من مواقف مسبقة، وانحيازات سياسية حادة، ومواقف لا تراعي وحدة السودان ولا مطالب المدنيين.

ونؤكد ثقتنا فيكم، وفي حكمتكم والرؤية الشاملة للأمم المتحدة، وإيمانكم العميق بإعادة بناء الثقة مع الفاعلين المدنيين، خاصة في السودان، ونتطلع إلى تعيين مبعوث جديد يتمتع بالحياد والمهنية، ويملك القدرة على جمع الأطراف، وتمثيل رؤية الأمين العام للأمم المتحدة، وتوسيع استخدام أدوات صنع السلام المختلفة، وتفعيل أدوات الضغوط الدولية والآليات القانونية.

ولكم منا فائق الاحترام والتقدير

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى