
بورتسودان | برق السودان
في خطوة غير محسوبة أثارت موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية والشعبية، تسبب وزير الثقافة والإعلام في السودان، خالد الإعيسر، بأزمة دبلوماسية مع الصين، وإحراج بالغ لمؤسسات الدولة، بعد نشره مطالبة رسمية على منصاته الشخصية يدعو فيها حكومة الصين للتدخل التقني لتعطيل الطائرات المسيّرة التي استهدفت مدينة بورتسودان.
ورغم سحب الخبر لاحقًا من وكالة السودان للأنباء (سونا)، إلا أن الضرر السياسي والأمني قد وقع، لتُطرح تساؤلات حادة عن منطقية بقاء الوزير في موقعه بعد هذا “الانفلات الإعلامي”.
خالد الإعيسر، يفتح أبواب الدولة على مصراعيها: ضعف في التقدير أم تهور سياسي؟
طلب الوزير الإعيسر، من الصين التدخل التقني لتعطيل طائرات مسيّرة هاجمت بورتسودان جاء في سياق اعتراف رسمي بفشل الدولة في التصدي للتهديدات الجوية، وتأكيد ضمني على وجود اختراقات عسكرية مؤثرة.
والأخطر من ذلك، أن الوزير نشر هذا الطلب في صيغة رسمية على صفحتيه في “فيسبوك” و”أكس”، ليعطيه طابعاً دبلوماسياً قد يُفهم على أنه موقف حكومي، مما أجبر وكالة الأنباء الرسمية “سونا” على التعامل معه كمادة رسمية ونشره، قبل أن تسحبه لاحقًا بعد تدخل من مجلس السيادة الانتقالي.
هذه الخطوة لم تُعبّر فقط عن تجاوز حدود المنصب، بل كشفت عن قصور فادح في فهم طبيعة العمل الإعلامي الرسمي، خاصة في ظل الحرب الدائرة التي تتطلب أعلى درجات الانضباط، لا إطلاق تصريحات عشوائية تحمل أبعادًا دبلوماسية وعسكرية خطيرة.

الاعتذار لا يكفي: الإعيسر يُربك المشهد ويهز الثقة في الجهاز التنفيذي
بعد أن أحدثت تصريحاته زوبعة من الانتقادات، سارع الإعيسر، للحد من التداعيات، فاستدعى القائم بأعمال السفارة الصينية في الخرطوم، السفير تشانغ شيانغ خوا، وقدم له اعتذاراً شفهياً، ناقش خلاله “سبل تعزيز التعاون الثقافي والإعلامي” – في محاولة لترميم ما أفسده.
لكن الاعتذار لم يُنهِ الجدل، بل زاد من حدته، حيث اعتبرت أوساط سيادية أن تصرف الوزير أضر بالعلاقات السودانية-الصينية، وأساء لتماسك الخطاب الرسمي، وقدم دليلاً إضافيًا على تآكل الكفاءة داخل حكومة بورتسودان.
في ظل التصعيد العسكري وتزايد الهجمات بالطائرات المسيّرة، ما كان ينتظره السودانيون هو خطاب إعلامي مسؤول، وليس توريط الدولة في استجداء دول أجنبية علنًا، وبأسلوب يكشف هشاشة الردع، ويمنح العدو قراءات مجانية عن العجز الفني والعسكري.
هل آن الأوان لإقالة خالد الإعيسر؟
تصرفات وزير الإعلام الأخيرة تعيد إلى الواجهة مطالبات قديمة بإعادة النظر في تركيبة الحكومة المدنية المؤقتة ببورتسودان، التي فشلت في تقديم خطاب موحد، واتسمت بعدم الكفاءة والتضارب في الرسائل.
السودان لا يتحمل مزيداً من الفضائح الدبلوماسية، خصوصًا في ظل وضع حساس إقليميًا وعسكريًا. وما قام به الإعيسر، ليس مجرد خطأ إعلامي، بل تجاوز استراتيجي يستوجب وقفة حاسمة… أو رحيله.