إخوان السودان وتوظيف الحواضن الاجتماعية من أجل العودة إلى السلطة
الخرطوم | برق السودان
منذ سقوط نظام الاخوان المسلمين في السودان بثورة شعبية في (ديسمبر)، يسعى حزب المؤتمر الوطني المنحل الذراع السياسية للإخوان المسلمين في السودان، نحو تفخيخ المشهد السياسي، وفق استراتيجية تقوم على المناورة والتحريض، وتأليب الرأي العام الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول إمكانية عودة الإخوان إلى الحكم من جديد، وكذلك حول طبيعة البنية الاجتماعية للجماعة، وقدرتها على احتضان التنظيم، والدفع به نحو صدارة المشهد، فهل يبدو ذلك ممكناً؟ أم أصبحنا بصدد عودة مستحيلة للمشروع السياسي الإخواني في السودان؟.
عودة إخوانية ممكنة وذراع خفيّة
بخصوص إمكانية عودة الإخوان إلى الحكم، فالإجابة لن تكون بسيطة، على طريقة نعم أو لا. فربما تكون عودة الإخوان المسلمين إلى الحكم عن طريق أيّ انتخابات، أو في وقت آخر، ليست أمراً مستبعداً، فالحاضنة الأساسية للتنظيم لم تتفكك بعد، وهناك مجال للترقب لدى الكثيرين، كما أنّ الحركة الإسلامية السودانية، التي لا تشارك في الانتخابات، لديها القدرة على توفير دعم انتخابي قوي للتيار الإسلامي العريض في أيّ استحقاق انتخابي قادم، فضلاً عن الجماعات السلفية.
لقد تشكلت الحاضنة الاجتماعية والإيديولوجية لجماعة الإخوان المسلمين في السودان بفضل الحركة الإسلامية، بوصفها أكبر تنظيم إسلامي في البلاد، بالإضافة إلى أنّها تملك بنية تنظيمية انضباطية، أسّسها زعيمها الراحل حسن الترابي، الذي ظلّ منافساً قوياً على السلطة في السودان، إلى غاية وفاته الطبيعية.
والرغم من أنّ هذه الحركة الإسلامية يغلب عليها طابع الصمت السياسي، لكنّه ذلك الصمت المريب أيضاً، أو ما يمكن أن نطلق عليه صمت المتربصين.
قطاعات مخترقة
ويمكن القول إنّ مفاصل الدولة وقطاعات التجارة والمعادن والصناعة والصحة والثروة الحيوانية والسمكية والإحتياجات الأساسية والرئيسية مخنرقة من الحركة الإسلامية ونجد قطاع مثل التربية والتعليم، في السودان، ما يزال مخترقاً من جماعة الإخوان إلى حد بعيد، بفعل مناهج التدريس، والجمعيات المهنية، وهيئة التدريس، كما أنّ الجامعات السودانية مخترقة كذلك، وما تزال بعض الشعب الفيزياء والهندسة، تحتضن محاضرات الدجالين بإسم الإعجاز العلمي.
والأدهى من ذلك كله، وربما المؤسف أيضاً، هو أنّ المجتمع المدني، بإعتباره سلطة مضادة، أصبح مخترقاً بفعل قيم الجهل المقدّس، وثقافة الغنيمة والريع، وهي ثقافة تدمّر كلّ رهانات التنمية، وذلك هو الوضع الذي كرّسته حكومة المؤتمر الوطني إبّان الفترة التي حكمت فيها البلاد.
ولا شك، فإنّ نخب الحداثة في السودان ينتظرها جهد كبير، وتحديات ضخمة، خاصّة أنّها تقاتل في معركة التنوير والخلاص من الفكر الظلامي، بظهر مكشوف وأيادٍ فارغة، معوّلة في ذلك على حركة التاريخ والنفس الطويل.
هكذا يمكن تلخيص الحالة السودانية بشكل موجز، وفرص الذراع السياسية للإخوان في العودة من جديد إلى تصدّر المشهد السياسي، في ظلّ وجود حواضن اجتماعية نشطة ومناورة، تحترف استراتيجية الكمون والتمدّد، والقدرة على اختراق المؤسّسات والهيئات الفاعلة في البلاد.