استقالة جماعية تهز نادي المريخ السوداني
أزمة إدارية تعمق الجراح وسط ضغوط مالية ورياضية خانقة

الخرطوم | برق السودان
في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، أعلن مجلس إدارة نادي المريخ السوداني بكامل أعضائه، وعلى رأسهم رئيس المجلس المهندس عمر النمير، تقديم استقالة جماعية رسمية، في تطور يعكس عمق الأزمة التي يعيشها النادي العريق على المستويين الإداري والمالي، وسط احتقان جماهيري متزايد وتراجع رياضي لافت خلال الفترة الأخيرة.
القرار الذي تم اتخاذه في الثلاثين من يوليو 2025، جاء بعد أسابيع من تصاعد التوترات الداخلية، ووسط دعوات متكررة من جماهير النادي لتغيير شامل في منظومة إدارة الفريق، بعد إخفاقات رياضية متتالية وتدهور الوضع المالي بدرجة تهدد مستقبل الكيان.
ضغوط مالية ساحقة وميزانية تنهار
أوضح المهندس عمر النمير، في تصريحاته عقب إعلان الاستقالة، أن أبرز دوافع القرار تتعلق بالعجز المالي الحاد الذي يعاني منه النادي، حيث وصلت تكلفة التشغيل الشهرية إلى أكثر من 600 ألف دولار أمريكي، تشمل رواتب اللاعبين، التنقلات، الإقامة، والمكافآت، في ظل غياب الرعاية المستقرة وندرة الدعم الرسمي.
وأشار إلى أن استمرار الأعباء المالية دون مداخيل ثابتة بات يستنزف إمكانيات المجلس بالكامل، مؤكداً أن “العمل في هذه الظروف صار أشبه بالمستحيل، وأن مصلحة النادي تتطلب إفساح المجال أمام ترتيبات جديدة قادرة على تأمين الموارد واستعادة التوازن”.
وتأتي هذه الأزمة المالية في ظل الحرب المندلعة في البلاد، والتي أثرت بشكل مباشر على موارد الأندية، وخلقت بيئة طاردة للاستثمار والرعاية، ما فاقم التحديات أمام المريخ وجعله رهينة أزمات متراكمة لم يجد لها المجلس الحالي حلولاً ناجعة.

إخفاقات رياضية وتراجع ثقة الجماهير
وعلى الصعيد الرياضي، كان فشل الفريق في التتويج بلقب دوري النخبة السوداني، بعد الخسارة المؤلمة أمام غريمه التقليدي الهلال، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث واجه مجلس الإدارة حملة انتقادات لاذعة من جماهير الأحمر، التي اتهمت المجلس بالعجز وسوء التخطيط والتدخلات غير الفنية في عمل الجهاز الفني.
تراجع نتائج الفريق على الصعيدين المحلي والقاري، وعدم الاستقرار الفني وتعدد تغييرات الطاقم الفني خلال الموسم، أضعفت الثقة في المشروع الرياضي للمجلس المستقيل، ما عجّل بقرار الرحيل الجماعي في محاولة لامتصاص الغضب الجماهيري وفتح المجال لقيادة جديدة.
مرحلة فراغ إداري وخطوات مرتقبة
في أعقاب الاستقالة، أعلن المدير العام للنادي تكليفه بمخاطبة لجنة الحوكمة التابعة لمسجل التنظيمات الرياضية، لإبلاغها بالفراغ الإداري القائم، وطلب توجيهها بشأن الخطوات القانونية المطلوبة لتسيير النادي خلال المرحلة الانتقالية.
ووفق مصادر مطلعة، من المرجح أن يتدخل الاتحاد السوداني لكرة القدم قريباً لتكوين لجنة تطبيع أو تسيير مؤقتة تقود النادي حتى عقد جمعية عمومية جديدة وانتخاب مجلس إدارة بديل.
المراقبون يرون أن هذه المرحلة ستكون حاسمة لمستقبل النادي، لا سيما في ظل صعوبة الظرف العام وانعدام الاستقرار المالي، وهو ما يستدعي قيادة تملك رؤية إنقاذية ودعماً فعلياً لإعادة بناء النادي على أسس سليمة.
نادي المريخ أمام مفترق طرق
تشكل الاستقالة الجماعية لمجلس المريخ لحظة فارقة في تاريخ النادي، إذ تكشف عن أزمة شاملة تضرب البنية الإدارية والرياضية والمالية لكيان يعد من أعرق الأندية في السودان والقارة الإفريقية.
ويبقى السؤال الكبير: هل تمثل هذه الاستقالة بداية حقيقية لإصلاح جذري، أم أنها مجرد حلقة جديدة في سلسلة الانهيار الإداري الذي يهدد مستقبل الرياضة السودانية بأكملها؟