
الخرطوم | برق السودان – خاص
في تطور خطير يعكس تصاعد التوترات داخل التيارات الإسلامية في السودان، لقي أحمد كرتي، الشقيق الأصغر للقيادي الإخواني البارز علي كرتي، مصرعه مساء أمس الأول في ضربة جوية نفذتها طائرة مسيّرة استهدفت موقعاً في مدينة أم درمان. وأثار الحادث موجة من التكهنات والاتهامات داخل دوائر الإسلاميين، وسط مؤشرات متزايدة على أن العملية قد تكون “تصفية داخلية مدبرة” نفذها جناح منافس لـ علي كرتي داخل جماعة الإخوان المسلمين.
نوع الضربة ودقة الاستهداف وطبيعة الهدف كلها تشير إلى عملية استخباراتية محكمة على الأغلب ليست من تنفيذ طرف نظامي تقليدي
خبير عسكري
تصريحات نارية سبقت الضربة بساعات
مقتل أحمد كرتي، لم يكن حدثاً معزولاً. فقد جاء بعد أقل من 12 ساعة على تصريحات مثيرة أطلقها علي كرتي، الأمين العام السابق لما يسمى بـ”الحركة الإسلامية”، هاجم فيها بشكل علني جناحًا منافسًا داخل المؤتمر الوطني المحلول، يقوده إبراهيم محمود، والذي يُعرف بقربه من القيادي الإخواني المثير للجدل نافع علي نافع.
وقال كرتي، في تصريحه: “لن نسمح لبعض الأجنحة التي تلطخت أياديها بالفساد أن تعود إلى المشهد عبر تضحيات الآخرين. هناك من يتحدث باسم الإسلاميين ولا يمثلهم، بل يمثل مصالحه الشخصية وارتباطاته الخارجية.”
هذه التصريحات فُسرت على نطاق واسع بأنها موجهة مباشرة ضد تحالف “محمود – نافع”، الذي يُعتقد أنه يسعى لإعادة تشكيل تيار إخواني موازٍ، بعيدًا عن سيطرة مجموعة كرتي.
طائرة مسيّرة بصمة غير معتادة
الضربة التي أودت بحياة أحمد كرتي، نُفذت، وفقًا لمصادر أمنية متقاطعة، عبر طائرة مسيّرة صغيرة الحجم، يُعتقد أنها من نوع متطور استخدم سابقًا في عمليات “تصفية دقيقة” في مناطق النزاع الحضري. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، في وقت نفت فيه قوات الجيش والدعم السريع أي علاقة بالعملية.
خبير عسكري طلب عدم ذكر اسمه قال لـ”برق السودان”: “نوع الضربة، ودقة الاستهداف، وطبيعة الهدف، كلها تشير إلى عملية استخباراتية محكمة، على الأغلب ليست من تنفيذ طرف نظامي تقليدي.”
من المستفيد؟
السؤال الذي يطرحه المراقبون اليوم: من المستفيد من تصفية أحمد كرتي؟ ولماذا الآن؟
أوساط قريبة من التيار الإسلامي ترى أن جناح إبراهيم محمود، بدعم من نافع علي نافع، يسعى إلى تحجيم نفوذ علي كرتي، الذي استحوذ على المشهد منذ سقوط البشير، وتمكّن من السيطرة على مفاصل ما تبقى من بنية التنظيم الإخواني في السودان. ويعتبر كثيرون أن عملية التصفية جاءت كرسالة “داخلية” حاسمة من جناح ينازع كرتي، الزعامة والولاء.
هل نشهد تفكك التنظيم؟
حادثة الاغتيال، في حال تأكدت خلفيتها الداخلية، قد تكون أول مؤشر علني على انقسام حاد داخل بقايا التنظيم الإخواني في السودان، في ظل غياب قيادة مركزية موحدة وتضارب الولاءات بين الجبهات المتصارعة على النفوذ والشرعية.
في الأيام القادمة، قد تتكشف معلومات إضافية تكشف خيوط من يقف خلف العملية، ولكن المؤكد أن مقتل أحمد كرتي، أعاد إلى الواجهة واحدة من أعقد معارك الظل داخل تيارات الإسلاميين في السودان.