الإقتصاد

اقتصاد الحرب في السودان.. من يربح ومن يدفع الثمن؟

صعود أمراء الحرب وانهيار حياة المواطنين في ظل اقتصاد الظل

بورتسودان | برق السودان

وسط استمرار الحرب المدمرة في السودان، يتكشّف وجه خفي للصراع «اقتصاد الحرب»، حيث تنمو شبكات غير رسمية من المصالح التي تزدهر على حساب معاناة ملايين السودانيين. فبينما يتدهور الجنيه السوداني وتغيب السلع الأساسية عن الأسواق، تتكوّن طبقة جديدة من المنتفعين من الحرب، يشكّلون ما يُعرف بـ«أمراء الاقتصاد الأسود».

تنشط شركات تجارية ظاهرها قانوني لكنها في الواقع واجهات لقيادات عسكرية من الجيش وسياسية من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني

شركات واجهة تمول القتال

بحسب مصادر خاصة لـ”برق السودان”، تنشط شركات تجارية ظاهرها قانوني لكنها في الواقع واجهات لقيادات عسكرية من الجيش وسياسية من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني. هذه الكيانات تُدار من خلف الكواليس عبر وكلاء مدنيين، وتسيطر على قطاعات حيوية مثل:

تحويلات المغتربين: حيث يتم شراء التحويلات بسعر منخفض وتحويلها بالسوق السوداء مقابل أرباح ضخمة.

استيراد وبيع الوقود: يجري تهريب الوقود المدعوم أو المستورد عبر القنوات الرسمية، ثم يُعاد بيعه بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.

المساعدات الإنسانية: تُستغل بعض المساعدات الدولية غذائيًا ودوائيًا لتُباع تجاريًا في أسواق تسيطر عليها هذه الشركات.

ولأن هذه الأنشطة مرتبطة بمصادر تمويل عسكرية، فإن الأرباح تعود بشكل مباشر لدعم عمليات القتال، ما يجعل الحرب مصدرًا للثروة وليس عبئًا على هذه الدوائر.

اقتصاد-الحرب
اقتصاد الحرب في السودان.. من يربح ومن يدفع الثمن؟

المدنيون يدفعون الثمن

في المقابل، يعيش المواطنون في ظروف اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود. فقد أصبح الحصول على الغذاء والدواء تحديًا يوميًا، خاصة في المناطق المحاصرة أو التي تشهد قصفًا مستمرًا. وتتلخّص ملامح المعاناة في:

انهيار القوة الشرائية: نتيجة الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه السوداني، وتراجع الدخول مقابل الارتفاع الجنوني في الأسعار.

تضخّم غير مسيطر عليه: أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والسكر والزيت زادت بأكثر من 300% خلال عام واحد فقط.

غياب الرقابة الرسمية: إذ توقفت مؤسسات الدولة الرقابية عن العمل في معظم المناطق، مما فسح المجال لاحتكار الأسواق والاستغلال.

وتظهر هذه المعادلة القاسية جلية في المدن الكبرى مثل بورتسودان والخرطوم، حيث تنتشر شبكات “التجار الجدد” الذين يستفيدون من الفوضى، بينما تتزايد طوابير المحتاجين أمام مراكز الإغاثة.

بين اقتصاد البندقية وحقوق المواطن

في نهاية المطاف، باتت الحرب في السودان سوقًا مفتوحة للنفوذ والمال، حيث تتحكم القوة العسكرية في مفاصل الاقتصاد، بينما يتقلّص دور الدولة كمُنظّم ومُقدّم للخدمات. ومادامت الحرب مستمرة، فإن الفجوة بين أمراء الحرب وضحاياهم ستتسع، وسيظل السؤال الأهم معلقًا: من يربح؟ ومن يدفع الثمن؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى