الإخوان في السودان يوظفون وزارة الخارجية في مسعى لمنع وقف الحرب
بورتسودان | برق السودان – متابعات
كلّما ظهرت بارقة أمل سياسية لوقف الحرب في السودان تعمّد أنصار النظام السابق في وزارة الخارجية عرقلتها، وخلق توتر بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان والمجتمع الدولي، والهدف هذه المرة الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في أفريقيا (إيغاد) التي مُنحت تفويضا كبيرا لوضع خارطة طريق لحل الصراع في السودان على قاعدة سياسية شاملة.
وافتعلت وزارة الخارجية السودانية معركة جديدة مع قوى ومنظمات إقليمية ودولية وقّعت على البيان الختامي لقمتها الطارئة في جيبوتي، أو كانت شاهدة عليه، عندما تراجع السودان عما التزم به البرهان أمامها.
وقالت الوزارة في بيان لها مساء الأحد، إن البرهان اشترط إقرار وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وخروج قوات الدعم السريع من الخرطوم وتجميعها في مناطق أخرى، قبل لقاء قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).
واشترطت قوات الدعم السريع أن يأتي البرهان للاجتماع المقترح بصفته قائدا للجيش وليس رئيسا لمجلس السيادة، وهو ما يتوافق مع حقيقة أن جميع الإجراءات بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، لا تستند إلى أساس دستوري أو قانوني.
وفسح بيان الخارجية المجال لتأكيد اقتناع دوائر عديدة بفكرة أن البرهان يتم التلاعب به من جانب أنصار النظام السابق، ولا يريدون له التقدم ولو خطوة واحدة نحو إنهاء الحرب وتحقيق السلام، ويتعمدون تعطيل المبادرات الرامية إلى وقف إطلاق النار الذي من المنتظر أن يقود إلى الحصول على تسوية سياسية شاملة، وفقا لخارطة طريق محددة تحملها إيغاد حاليا وتسعى لتنفيذها.
وتحفظت الخارجية السودانية على البيان الختامي لقمة قادة ورؤساء حكومات إيغاد الـ41 في جيبوتي. وقالت إن “السودان غير معني بالبيان حتى تقوم رئاسة إيغاد وسكرتاريتها بتصحيحه”، وبصورته التي خرج بها “يفتقد إلى التوافق ولا يعتبر وثيقة قانونية من إيغاد”، في إشارة تنطوي على استهانة بالهيئة وشهود العيان في القمة.
وأرجع المحلل السياسي السوداني عادل سيد أحمد، التناقض الفاضح إلى وجود لسانين يتحكمان في القرار ويقبعان بالقرب من البرهان وعلى مسافات متفاوتة، أحدهما يمثله القادة المحترفون في الجيش ومواقفهم أكثر وضوحا في عملية التسوية المنتظرة، والآخر لسان فلول النظام السابق المهيمن على مفاتيح وزارة الخارجية، وهذه الفلول هي عقل جماعة الإخوان المدبر، والذي يفكر دوما في وضع العراقيل.
واتهمت مصادر سودانية عناصر الإخوان بمنع حدوث تقدم في مفاوضات جدة خلال الفترة الماضية وتخريب الوساطة السعودية – الأميركية، ففي كل جولة تحدث فيها تفاهمات ويتم الإعلان عن ترتيبات تظهر مفاجآت تحوّل التقدم إلى تأخر، وتشير الأصابع إلى قيام فلول البشير في وزارة الخارجية بتبني ممارسات تفضي إلى العودة للمربع الأول.
#السودان | الإخوان في السودان يوظفون وزارة الخارجية في مسعى لمنع وقف الحرب
كلّما ظهرت بارقة أمل سياسية لوقف الحرب في السودان تعمّد أنصار النظام السابق في وزارة الخارجية عرقلتها، وخلق توتر بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان والمجتمع الدولي، والهدف هذه المرة الهيئة… pic.twitter.com/zNm28SRHEv
— برق السودان🇸🇩 (@SDN_BARQ) December 12, 2023
وأوضح عادل سيد أحمد، أن وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق علي، كان ناطقا سابقا باسم الخارجية السودانية في عهد عمر البشير، وبعد الانقلاب العسكري الأخير عادت الكثير من كوادر حزب المؤتمر الوطني المُنحل إلى العمل في الوزارة، وهو ما يفسر جانبا مهما من الازدواجية في مواقف سياسية عديدة.
وأكد أن إيغاد أصدرت بيانها الختامي بعد القمة بموجب حصولها على موافقة طرفي الصراع (البرهان وحميدتي)، وقدمت مبادرتها على أساس التوافق حولها، ولديها من الأدوات ما يمكّنها من فرض رؤيتها والشروع في تنفيذها مهما كلفها الأمر، ومن غير المستبعد أن تقوم بالرد على بيان الخارجية السودانية باستفاضة وإحراجها وفضح تناقضات خارجية البرهان أمام المجتمع الدولي.
وأصدرت الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في أفريقيا البيان الختامي لقمة جيبوتي السبت، وأشارت فيه إلى موافقة البرهان على عقد لقاء ثنائي مع حميدتي، وأنه أكد “التزامه غير المشروط بوقف إطلاق النار وحل النزاع من خلال الحوار السياسي”.
وأعرب بيان إيغاد عن تقدير المحادثة الهاتفية بين رؤساء الدول والحكومات مع حميدتي وقبول الأخير مقترحات الهيئة “لوقف إطلاق النار غير المشروط وحل النزاع من خلال الحوار السياسي وعقد لقاء ثنائي مع البرهان”.
وحمّل حميدتي في كلمته المسموعة للقمة فلول البشير التي تتمتع بنفوذ داخل الجيش مسؤولية اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي، ودعا إلى ضرورة إصلاح الجيش وتشكيل حكومة مدنية.
وشددت قمة إيغاد على أهمية تحديد طبيعة وهيكل العملية السياسية ودعم المجتمع السوداني للانتقال بالبلاد إلى دولة قابلة للحياة في ظل الحكم الديمقراطي، وبلورة حوار وطني يهدف إلى تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية تتوج بانتخابات شفافة.
وكان من المتوقع أن يقوم رئيس جيبوتي إسماعيل جيله بوضع ترتيبات عقد اللقاء بين البرهان وحميدتي في غضون أسبوعين في بلاده بإشراف اللجنة الموسعة الجديدة.