الأخبارالإقتصاد

«الإنسحاب الأميركي».. يهدد الصومال بمزيد من الفوضى

 

عاصفة من القلق تجتاح الصوماليين، منذ إعلان الولايات المتحدة اعتزامها سحب غالبية قواتها من بلادهم، قبل المغادرة المقررة للرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض بعد أقل من شهر ونصف الشهر، وذلك في إطار خطة انسحاب واسعة النطاق، تشمل كذلك تقليص العسكريين الأميركيين في العراق وأفغانستان.

فالصوماليون والخبراء في شؤون بلادهم التي تعصف بها الحروب، يرون أن الانسحاب الأميركي الآن يشكل «وصفة للفوضى، ستلحق أكبر قدر ممكن من الأضرار، بجهود إعادة إرساء الاستقرار في هذا البلد، ذي الموقع الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي».

ويزيد من خطورة هذه الخطوة، كونها ستُستكمل – بحسب المسؤولين العسكريين الأميركيين – بحلول 15 يناير المقبل، أي قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير، فضلاً عن تزامنها مع استمرار الاضطرابات في إثيوبيا المجاورة، وعدم امتلاك قوات الأمن التابعة للحكومة الصومالية، قدرات كافية لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة».

وفي تصريحات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، قال مات برايدن الخبير الاستراتيجي في مركز «ساهان للأبحاث» المتخصص في شؤون منطقة القرن الإفريقي، إن «قرار ترامب بالانسحاب غير مفهوم، ويمثل نموذجا لسياسة ترامب المفككة حيال الصومال، وكان من المنطقي الانتظار لبضعة أشهر قبل اتخاذه».

وقلل برايدن من أهمية ما أعلنته وزارة الدفاع «البنتاجون»، من أن الانسحاب لن يحول دون مواصلة الولايات المتحدة عمليات قصف مسلحي «الشباب» من خارج الأراضي الصومالية، قائلاً إن ذلك لا يعدو «محاولة تجميلية فاشلة».

بدوره، اعتبر عضو مجلس الشيوخ الصومالي أيوب إسماعيل يوسف أن قرار الانسحاب الأميركي، الذي أْعْلِنَ في لحظة حساسة بالنسبة للصومال، جاء في وقت غير مناسب، معتبراً «المعركة ضد الإرهاب العالمي لا تزال دائرة، ولا يزال يتعين علينا أن نكسب معركة السلام لتحقيق النصر».
وتعكس تصريحات يوسف، مخاوف الكثير من الصوماليين من أن يُنظر إلى هذا القرار، الذي وصفه بعضهم بـ «المروع»، على أنه «انتصار للإرهابيين المرتبطين بالقاعدة الذين عاثوا فسادا في البلاد لسنوات طويلة، ويهددون بالتسبب في مزيد من الفوضى».

ونقلت «نيويورك تايمز» عن طلاب في جامعة مقديشو قولهم، إنهم يتخوفون من أن تؤدي مغادرة غالبية العسكريين الأميركيين الـ 700 المنتشرين في الصومال، إلى إفساح المجال لإرهابيي حركة «الشباب» لتنفيذ هجمات دون خوف في قلب العاصمة، والتنقل من مكان لآخر بحرية نسبية.

وسيؤدي الانسحاب الأميركي شبه الكامل من الصومال، إلى تزايد المسؤوليات الملقاة على عاتق قوات النخبة المحلية، التي شُكِلَّت عام 2013 ويتولى العسكريون الأميركيون تدريبها وتسليحها ومرافقة عناصرها في بعض المداهمات، التي تُنفَذ ضد حركة «الشباب» الإرهابية، المسيطرة حتى اليوم على مناطق في جنوب البلاد.
بجانب ذلك، سيؤدي الانسحاب الأميركي إلى أن تفقد هذه القوة التي لم تصل حتى الآن سوى إلى ثلث حجمها المقرر، قدراً من الثقة من الصعب عليها استعادتها، كما سيتركها في وضع تتعرض فيه بشكل أكبر للتدخلات السياسية من جانب المسؤولين في مقديشو، وسيُعرّضها غياب وجود العسكريين الأميركيين أيضاً، لأن تصبح فريسة للفساد الذي يعصف بوحدات الأمن الصومالية الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، ستشكل خطوة الانسحاب، وفقا لـ «نيويورك تايمز»، انتكاسة للروح المعنوية، وستثير الشكوك حول مدى التزام الولايات المتحدة بمساعدة الصوماليين في كفاحهم ضد الإرهاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى