البركل تحت تهديد السلاح: عسكرة المؤسسات المدنية والرياضية وتواطؤ في وضح النهار
تحويل النادي إلى ثكنة عسكرية بالقرب من مدارس للبنات

البركل | برق السودان
في تصعيد خطير وغير مسبوق، أقدمت عناصر مسلحة تابعة لكتيبة “البراء بن مالك” على احتلال نادي البركل الرياضي والثقافي، أحد أبرز المعالم المجتمعية بولاية نهر النيل، بمساعدة وتواطؤ مكشوف من بعض عناصر الحركة الإسلامية في المنطقة. وقد أثار هذا التحرك موجة غضب وقلق بين السكان، الذين يرونه استهدافًا مباشرًا للمجتمع المدني ومؤسساته.
تحويل النادي إلى ثكنة عسكرية بالقرب من مدارس للبنات
تفيد مصادر محلية أن الكتيبة المسلحة دخلت النادي واستقرت فيه كأنما هو موقع عسكري، ضاربة عرض الحائط بكل القيم والاعتبارات المدنية، خاصة وأن النادي يقع على مقربة من مؤسسات تعليمية، منها مدرستان للبنات، ما يعرض البيئة التعليمية والسكان للخطر، ويهدد حرمة المؤسسات التي لطالما كانت آمنة من عسكرة النزاعات.
وقد ظل نادي البركل منذ إنشائه منارة للأنشطة الرياضية والثقافية والتنموية، غير أن هذا التحول المفاجئ ينذر بتغير جذري في طبيعته ووظيفته، ويضع علامات استفهام كبيرة حول نوايا الجهات التي تسعى لتحويل المراكز المجتمعية إلى بؤر نفوذ مسلح.
سكان البركل يواجهون التهديد وسط صمت الأجهزة النظامية
على الرغم من التحرك السلمي والاحتجاجات المدنية التي أطلقها سكان البركل رفضًا للاحتلال المسلح، إلا أن رد الفعل جاء صادمًا؛ حيث قوبلت الاعتراضات بالتهديد المباشر، وتم توجيه إنذارات بعدم التحدث أو التعبير عن الرفض، بل وتهديد بعض المواطنين بالاعتقال في حال استمروا في مواقفهم.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أن الجهات المختصة، وعلى رأسها الشرطة والقوات النظامية، التزمت الصمت الكامل، ولم تتخذ أي إجراءات تذكر، ما يعيد إلى الأذهان حادثة اقتحام قسم شرطة كريمة من ذات الكتيبة، والتي مرت كذلك دون محاسبة. هذا الصمت الرسمي يفتح الباب واسعًا أمام التساؤلات حول وجود تواطؤ مؤسسي أو عجز مقصود عن مواجهة تمدد المليشيات.
عسكرة المجال العام: سابقة أم بداية لمرحلة جديدة؟
إن ما جرى في البركل لا يمكن النظر إليه على أنه حادث معزول، بل هو جزء من سياسة ممنهجة لعسكرة الحياة العامة، تستهدف تحويل مؤسسات المجتمع المدني إلى أدوات خاضعة لهيمنة مسلحة. وهو نهج خطير يهدد النسيج الاجتماعي والاستقرار المحلي، ويقوّض مفاهيم الدولة المدنية والشرعية القانونية.
هذه التطورات تأتي في ظل فراغ سياسي وهشاشة أمنية، ما يجعل من هذه الكتائب أذرعًا طليقة خارج السيطرة، تتحرك لفرض سطوتها على المجتمع والفضاء العام دون رادع أو محاسبة.
ما يحدث في البركل يمثل جرس إنذار للسلطات، والنخب، والمجتمع المدني بأكمله. إن تجاهل هذه المؤشرات الأولية لتحوّل المراكز الثقافية والرياضية إلى ثكنات عسكرية، سيقود إلى واقع أكثر خطورة، تتحول فيه المؤسسات المدنية إلى أدوات صراع وهيمنة. البركل اليوم ليست مجرد قصة محلية، بل مرآة لواقع يتشكل في الخفاء، وينبغي مواجهته قبل أن يتحول إلى قاعدة عامة.