
تقرير | برق السودان
في الوقت الذي يعيش فيه السودان أحد أسوأ فصول تاريخه من حيث الانقسام والتدهور الأمني، تتكشف يوماً بعد يوم أبعاد خطيرة لدور الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تأزيم الوضع الداخلي وتوسيع رقعة النزاعات مع دول الجوار، بالتوازي مع تصاعد نشاطات قوات مرتزقة تتبع لحليف قديم للبرهان، هو حاكم دارفور السابق مني أركو مناوي.
قوات مناوي تُستخدم في تنفيذ أجندات البرهان في مناطق لا يرغب الأخير في التورط المباشر فيها ما يجعلها أداة قذرة في حرب متعددة الوجوه
تصعيد البرهان على الحدود: سياسة الهروب إلى الأمام
من ليبيا غربًا إلى إثيوبيا شرقًا، تنتهج قيادة البرهان نهجًا تصعيديًا يُنظر إليه على نطاق واسع كتكتيك للهروب من الأزمات الداخلية.
ففي الوقت الذي تتعرض فيه الخرطوم لقصف متواصل وتعيش مدن دارفور وكردفان على وقع مجازر متكررة، تتجه القوات المسلحة بقيادة البرهان لتأجيج التوترات الحدودية، كما حدث مؤخرًا على الحدود الليبية، مما دفع قيادة الجيش الليبي إلى إصدار بيان حاد اللهجة يتهم البرهان بمحاولة الزج بليبيا في صراعات السودان الداخلية.
تنتهج قيادة البرهان نهجًا تصعيديًا يُنظر إليه على نطاق واسع كتكتيك للهروب من الأزمات الداخلية
وتفيد تقارير استخباراتية بأن عناصر من الجيش السوداني حاولت تجاوز النقاط الحدودية في مناطق متنازع عليها، ما اعتبرته ليبيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، بينما يشير مراقبون إلى أن هذه التحرشات هي محاولات لصرف الأنظار عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين داخل السودان.
مناوي ومرتزقته.. جيش ظل خارج عن القانون
بالتوازي مع تحركات البرهان، تتوسع مليشيات مني أركو مناوي – التي يُطلق عليها محليًا “المرتزقة الجدد” – في تنفيذ هجمات ممنهجة ضد مدنيين ومكونات اجتماعية في دارفور، لا سيما في الجنينة ونيالا وزالنجي.
ورغم أن مناوي يقدم نفسه كزعيم سياسي، إلا أن تقارير ميدانية تثبت تورطه في عمليات نهب وقتل جماعي وتهجير قسري، بدعم غير مباشر من قيادة الجيش التي تغض الطرف عن جرائم قواته مقابل استمرار تحالفهما العسكري.
وبحسب مصادر محلية، فإن قوات مناوي، تُستخدم في تنفيذ أجندات البرهان في مناطق لا يرغب الأخير في التورط المباشر فيها، ما يجعلها أداة قذرة في حرب متعددة الوجوه.
ورطة دبلوماسية ومزيد من العزلة
إن ممارسات البرهان والجهات المتحالفة معه مثل مناوي، لا تؤدي فقط إلى تفاقم الأوضاع داخليًا، بل تخلق بيئة عدائية في الإقليم تُهدد استقرار المنطقة برمتها.
فمن اتهامات بدعم مرتزقة في تشاد وليبيا، إلى تقارير عن تهريب السلاح عبر الحدود الشرقية، يجد السودان نفسه اليوم في مواجهة عزلة إقليمية غير مسبوقة، وسط تراجع حاد في التعاطف الدولي مع قيادته العسكرية.