
بورتسودان | برق السودان – خاص
في ظل الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسعى الحكومة السودانية المؤقتة إلى توثيق علاقتها بروسيا، مما أثار جدلًا داخليًا واسعًا حول شرعية هذه التحركات وتأثيراتها المحتملة. ويأتي هذا التقارب في وقت حساس تمر به البلاد، حيث تتفاقم الأوضاع الأمنية وتتزايد التدخلات الدولية، ما يجعل من أي تحالف جديد عاملًا مؤثرًا في مستقبل السودان السياسي والعسكري.
موسكو تعمل على تعزيز علاقاتها مع السودان ذي الموقع الاستراتيجي في القارة الأفريقية
اتفاق القاعدة البحرية: خطوة استراتيجية أم مقامرة سياسية؟
أعلنت وسائل إعلام روسية عن توصل موسكو والخرطوم لاتفاق حول إقامة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر في السودان، وهي خطوة تعكس الطموحات الروسية لتعزيز نفوذها العسكري في أفريقيا. ووفقًا للاتفاق، ستستخدم القاعدة لأغراض الإصلاح والإمداد والتموين للقطع البحرية الروسية، وستستوعب حوالي 300 عسكري ومدني، مع القدرة على استقبال أربع سفن حربية في آن واحد.
يعود الحديث عن هذه القاعدة إلى عام 2017، عندما وقعت السودان وروسيا مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري، لكن التطورات الأخيرة سرعت تنفيذ المشروع. ومع تصاعد الصراع الداخلي في السودان، يرى محللون أن الحكومة الحالية، التي تدير البلاد من بورتسودان، تسعى للاستفادة من الدعم الروسي لتعزيز موقفها العسكري في مواجهة قوات الدعم السريع، رغم الاعتراضات الداخلية والدولية على شرعيتها.

الانعكاسات الإقليمية والدولية: بين المصالح الروسية والتحديات السودانية
التقارب السوداني الروسي لا يقتصر على اتفاق القاعدة البحرية، بل يمتد إلى مجالات أخرى مثل تصدير الأسلحة والتعاون الاقتصادي. لكن هذه الخطوة تثير قلق القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، الذين يسعون إلى الحد من النفوذ الروسي في أفريقيا.
يعتقد بعض الخبراء أن القاعدة الروسية في السودان قد تساهم في زيادة التوترات الإقليمية، خاصة مع دول مثل مصر والسعودية، اللتين تربطهما علاقات وثيقة بالغرب، كما أنها قد تؤدي إلى تدويل الصراع السوداني عبر إدخال قوى كبرى في المعادلة.
على المستوى الداخلي، يعترض العديد من السياسيين السودانيين على الاتفاقية، معتبرين أن الحكومة الحالية غير مخولة قانونيًا لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات الدولية. ويرى آخرون أن روسيا لن تكون مهتمة بإيقاف الحرب، بل قد تستفيد من استمرارها عبر تزويد الطرفين بالسلاح، مما يعقد جهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
هل سيحقق السودان مكاسب من التقارب مع روسيا؟
في ظل الأوضاع الحالية، يبقى السؤال الأهم: هل سيحقق السودان مكاسب فعلية من هذا التقارب، أم أنه سيزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد؟ بينما ترى الحكومة أن التعاون مع موسكو قد يوفر لها الدعم العسكري والاقتصادي، يرى المعارضون أن هذه الخطوة قد تعزل السودان دوليًا وتضعه في مسار صراعات أوسع.
بالمحصلة، يبدو أن التقارب السوداني الروسي ليس مجرد خطوة دبلوماسية، بل هو جزء من إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، مما يجعل السودان ساحة جديدة للتنافس الدولي في أفريقيا. ومع استمرار الحرب الداخلية، فإن تأثير هذا التحالف على مستقبل البلاد لا يزال مفتوحًا على جميع الاحتمالات.