الجنيبى: الإتفاق التاريخى الحكيم بين دولتى الإمارات وإسرائيل حرك المياه الساكنة
نرفض التدخل فى قراراتنا بمباشرة علاقة مع إسرائيل وسنتصدى لحملات التشويه المنظمة
الخرطوم | برق السودان
✍ حمد الجنيبي – سفير دولة الإمارات لدى السودان
دول عربية وقعت إتفاقيات سلام فى سبعين وتسعين القرن الماضى ودول فى منطقة التعاون الإسلامى لها علاقات مع إسرائيل
إنها مرحلة فارقة جديدة في تاريخ المنطقة؛ فمعاهدة السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة إسرائيل التي أُعلن عنها يوم 13 أغسطس تمثل تحولاً إستراتيجياً ذي تأثيرات إيجابية على الواقع العربي، وعلى القضية الفلسطينية وبالأخص إنعاش وإحياء فكرة حل الدولتين التي كادت تتلاشى في الفترة الأخيرة نتيجة جمود عملية التسوية التي بدأ أنّها أضاعت الطريق نحو السلام المنشود بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
هذا الإتفاق التاريخي الحكيم، المتمثّل في الخطوة الإماراتية الجريئة حرّك مياهاً ساكنة، وهو بإنعكاساته سيعمّم مفهوم بناء السلام الاستراتيجي عبر وضع حد للصراعات في المنطقة، ونشر قيم السلام بين شعوبها. فهذه الخطوة الدبلوماسية ستسهم بلا شك في تعزيز الإستقرار والسلام ليس في منطقتنا فقط بل في عموم العالم.
فالقيادة الإماراتية أكدت عند الإعلان مباشرة العلاقات الثنائية مع إسرائيل: «أقبلنا على المعاهدة ونحن ننظر إلى المستقبل، وسعينا إلى ضمان أكبر فائدة للمنطقة وشعوبها»، مبدية الثقة في أن العلاقات مع إسرائيل ستسهم في دعم إقتصاد المنطقة، وأنّها ستكون نقطة إنطلاق لفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات الحيوية ما يعود بالرخاء والإزدهار ليس على دولة الإمارات فحسب بل المنطقة ككل.
فهذا القرار التاريخي يخلق المناخ والتقارب ويفتح القنوات الضرورية لتعزيز الجهود العالمية في حفظ السلام والإستقرار في منطقة عانت بما فيه الكفاية من الحروب والصراعات وسفك الدماء.
ومما لا شكّ فيه أنّ التوصل إلى معاهدة السلام مع إسرائيل تضع في المقدمة المساعي الجادة لإيجاد حلول بناءة لصراعات المنطقة والوصول إلى هذه الغاية لا يتحقق من خلال حالة الحرب والتوتر، بل من الضروري التعاون لإحلال السلام. فقطيعة السنوات الماضية لم تحقق طموحات وتطلعات الشعوب العربية بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص.
نرفض التدخل فى قراراتنا بمباشرة علاقة مع إسرائيل وسنتصدى لحملات التشويه المنظمة
حمد الجنيبي- سفير دولة الإمارات لدى السودان
ولا ريب في أن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل هي بمثابة فرصة للإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة والمجتمع الدولي للبناء على هذا الإنجاز التاريخي لتحقيق السلام في المنطقة. فمعاهدة السلام تهيّئ بيئة بناءة للتقدم في المباحثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين تقع على كاهلهم مسؤولية الوصول إلى اتفاق مناسب حسب تصورهم وأولوياتهم.
أما الإمارات فإنّها لن تألوا جهداً في تقديم كل ما يساعد في تسهيل تحقيق التقدم المنشود على صعيد عملية السلام. وهذا ما أكدت عليه دولة الإمارات من أنّ الخطوة الحكيمة الجريئة التي قامت بها بثّت الروح في عملية السلام وأتاحت لها المزيد من الوقت لإنعاش فرص إستئنافها وفق حل الدولتين وذلك عبر إبعاد شبح ضم الأراضي الفلسطينية.
فقد شعرت الإمارات العربية المتحدة أن عليها التحرك بسرعة لإبقاء حل الدولتين مطروحاً، ولكن المسؤولية الرئيسية في ذلك تعود للفلسطينيين والاسرائيليين، بدعم من المجتمع الدولي، للتوصل إلى إحلال سلام عادل ومنصف.
وفي مواجهة الحملات المنظمّة التي تعمل على التشويش على هذا الاتفاق التاريخي، تؤكد دولة الإمارات على أنّ تأسيس أية علاقات ثنائية حق سيادي للدول، وأنّ من حق دولة الإمارات مباشرة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أو أية دولة أخرى وفقاً لما ترتئيه بناء على مصالحها الوطنية.
وبينما تؤكد دولة الإمارات على أنّها لا تقبل التدخل في قراراتها السيادية، توضح أنّ مباشرة العلاقة مع إسرائيل ليست مستغربة عربياً أو إسلامياً، فهناك دول عربية وقعت معاهدات سلام في سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي ودول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي اعترفت بإسرائيل منذ ما يقرب من الـ 70 عاماً. وللعلم، فإن 29 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أي أكثر من النصف.
وهنا، لا بدّ من التأكيد على أنّ قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشجاع يعبّر عن واقعية نحن في أمس الحاجة لها.. إذ من الضروري المضي قدماً عبر وسائل دبلوماسية وسياسية لحل الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
وبينما ترفض دولتي التدخل في قراراتها وفي المزايدة على سياساتها ومواقفها – وبخاصة ممن يرتبط بعلاقات مع إسرائيل منذ سنين طويلة – فإنّها تؤكد على أنّها تؤمن بقوة بحقوق الشعب الفلسطيني، وأنّها وقادتها كانوا في مقدمة الداعمين لفلسطين وشعبها. بكافة الأشكال، سياسياً، وإجتماعياً، وإقتصادياً، وعمرانياً، منذ عهد الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ثم في عهد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله حيث لطالما وقفت دولة الإمارات إلى جانب الفلسطينيين، ودعت ودافعت عن حقهم في الكرامة وتقرير المصير، وستواصل ذلك. ولم يتغير شيء في هذا الصدد.
وفي الختام، تؤكد دولة الإمارات على إعطائها كل الأولوية لإرساء السلام العادل والمستدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.