وكالات | برق السودان
تسير العلاقات السعودية الصينية بخطوات متسارعة جداً، بما يتجاوز التبادل والتعاون التجاري، إلى بناء شراكة تتجاوز الاقتصاد. ويجدر التوقف عند إعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان منذ أيام، أن المملكة احتلت المركز الأول في ترتيب الاستثمار الصيني الخارجي في الثلث الأول من عام 2022.
وقال بن فرحان خلال اجتماع لجنة الشؤون السياسية والخارجية المنبثقة عن اللجنة الصينية السعودية المشتركة، إنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ سيزور السعودية قريباً، موضحاً أنّه سيتم عقد ثلاث قمم صينية سعودية، وصينية خليجية، وصينية عربية.
وجرى تداول معلومات عن زيارة الرئيس الصيني للرياض في نهاية أغسطس/ آب الماضي، ولكن الزيارة تأجلت بطلب من بكين، بسبب انشغالها بالاستعدادات لعقد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، الذي عُقد في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكان شي يفضل أن تجري الزيارة بعد أن يحصل على ولاية ثالثة أميناً عاماً للحزب الشيوعي، وهو ما يضفي أهمية أكبر لزيارة الرياض لحضور ثلاث قمم في الوقت ذاته.
تحضيرات لزيارة الرئيس الصيني
ومنذ ذاع خبر الزيارة المرتقبة تجري ترتيبات منظورة في عدة مدن سعودية سيقوم الرئيس الصيني بزيارتها، هي الرياض وجدة ونيوم. وتعمل السلطات السعودية على ألا تقل الزيارة من حيث المظاهر والبروتوكولات عن تلك التي قام بها للرياض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مايو/ أيار 2017، وفي الوقت ذاته إظهار الفارق في الحفاوة بين استقبال الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في يوليو/ تموز الماضي ونظيره الصيني.
ومن المحطات التي يتوقف أمامها المراقبون في زيارة ترامب للسعودية، كونها كانت نقطة البداية في تقديم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بوصفه حاكم السعودية المستقبلي القوي، الذي يحظى بدعم وتأييد من الإدارة الأميركية، وخصوصاً صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر.
وبعد ذلك قام بن سلمان بخطوات داخلية وخارجية كي يرسم لنفسه صورة في أذهان الناس، واتخذ سلسلة من الخطوات التي أثارت ضده ردود فعل سلبية، ولكنها حصلت على تغطية من قبل الإدارة الأميركية.
وعلى عكس زيارة ترامب، كانت زيارة بايدن محطة برز فيها التنافر بين الرياض وواشنطن، فالسعودية استقبلته على نحو بارد غير معهود في الاحتفاء السعودي بالرؤساء الأميركيين منذ أكثر من خمسة عقود.
وكان ذلك البرود نوعاً من رد فعل السعودية على تصريحات ومواقف بايدن قبل وصوله إلى البيت الأبيض وبعده، التي قال فيها إنه سيجعل من السعودية دولة منبوذة، وأصدر تقريراً استخبارياً اتهم فيه ولي العهد السعودي بالضلوع في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية في عام 2018، وكشف النقاب عن تقرير حول هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أشار إلى تورط محتمل للسعودية، وامتنع عن تزويد المملكة بصواريخ دقيقة لاستخدامها في حربها في اليمن.
لن يكون سهلاً على إدارة بايدن أن ترى الرئيس الصيني يحل في الرياض، ويحظى بحفاوة استثنائية، ويدشن مرحلة تعاون اقتصادي استراتيجي. وقد جاءت تصريحات الوزير السعودي عن الزيارة في اليوم ذاته الذي أعلن فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الاستراتيجية الأميركية تجاه الصين، والتي تنص على أن الصين لا تزال تشكل التحدي الأمني الأكبر للولايات المتحدة، وتدعو إلى منع “هيمنة بكين على مناطق رئيسية”.
كما تحذر الاستراتيجية الدفاعية الأميركية من أن الصين تعمل على تقويض تحالفات الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ، وتستخدم جيشها المتنامي لإكراه وتهديد الجيران.
الشعور الأميركي بالخطر الصيني، نابع من أن الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها خطط وبرامج استراتيجية للهيمنة، وسياسات للتمدد خارج حدودها من خلال التعاون الاقتصادي والقروض، وذلك عكس روسيا التي تحاول استعادة حضورها على الساحة الدولية من خلال القوة العسكرية، وتصدير المرتزقة على غرار مجموعة “فاغنر”.