السودان.. هل للنظام العام وجوه تتوالى!
الخرطوم | برق السودان – تقرير : ✍️ سارة معتصم
بعد فترة كان قد عمّ فيها الهدوء في الشارع السوداني، وعادت الحريات الشخصية “المنتهكة” في عهد حكم الإنقاذ لأصحابها بعد أن تم إلغاء قانون النظام العام في 28/11/2019 م، بقرار من مجلس الوزراء السوداني استجابةً لمشروع تقدم به وزير العدل نصرالدين عبدالباري، وهي نفس السنة التي أطاح فيها الشعب النظام الذي يسلبهم حقوقهم في العيش الكريم وإختيار حياة تشبه وتلبي رغباتهم.
وقد حظي حينها قرار السلطات الإنتقالية السودانية بإلغاء قانون النظام العام، الذي كان يحد من الحريات الشخصية للأفراد تحت مسمى”الآداب المجتمعية” وذلك ضمن مجموعة قوانين تنظم أمور مجتمعية متعددة، بترحيب شعبي كبير داخل السودان وفي أوساط المنظمات الحقوقية الدولية.
ماهو قانون النظام العام الملغي وماهي صلاحياتة؟
صدر قانون النظام العام بمرسوم دستوري حمل الرقم 41 لسنة 1996، في 28 مارس، في نفس العام بتوقيع والى الخرطوم آنذاك لأنه حدد مكان سريانه بولاية الخرطوم.
وهو قانون عُني بتجريم السلوكيات الشخصية مثل ما يعرف بالزي الفاضح وشرب الخمر والأعمال الفاحشة.
- ويضم القانون سبعة فصول وست وعشرين مادة، خُصص الفصل الأول للأحكام التمهيدية والتعريفات والتفسيرات.
- وتضمن الفصلان الثاني والثالث مواد تحدد ضوابط لإقامة الحفلات الغنائية العامة والخاصة، واستخدام المركبات العامة وتحديد أماكن جلوس النساء فيها.
- واختص الفصل الرابع بتحديد ضوابط لمنع ممارسة التسول والتشرد ودور الشرطة في مكافحتهما.
- واختص الفصل الخامس بضوابط تنظيم أماكن تصفيف شعر النساء والتي تحظر عمل الرجال في مثل هذه الأماكن ودخولهم إليها.
- وضم الفصل السادس أحكاماً متنوعة تحدد طريقة استخدام مكبرات الصوت في الأماكن التجارية وأوقات استخدامها، وأوقات فتح المحال التجارية في يوم الجمعة أو عمل المطاعم والكافتريات في شهر رمضان، وضوابط أخرى للاستحمام في نهر النيل وغسل العربات وحظر أعمال الشعوذة والدجل.
- وتضمن الفصل السابع عقوبات المخالفين لأحكام هذا القانون، نصت على خمسة أنواع من العقوبات هي: السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو الغرامة أو العقوبيتن معاً، وكذلك عقوبات مثل الجلد ومصادرة الأدوات المستخدمة في المخالفة.
-
نيويورك تايمز: بعد فشل المحادثات الأميركية السرية.. حرب خفية في أفريقيا تتصاعد وتيرتها سريعا
ناشطون سودانيون : في البلد دي يا تكون أمريكي يا تكون لاعب كورة عشان شعرك “ما يتهبش”!!
جنسيتك شنوو!!
في لفتة تدعو للضحك شارك ناشطون على مواقع للتواصل الاجتماعي صورة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، منذ فترة وهو يسلم على أحد أفراد البعثة الدبلوماسية للسفارة الأمريكية، وذلك عقب تقديم السفير الأمريكي جون جودفري، أوراق اعتمادة كسفير لأمريكا في السودان.
ويظهر السياسي في الصورة بشعر طويل اقرب لـ استايل “بوب مارلي” وهو متواجد داخل القصر الجمهوري ويسلم على البرهان “بشعره”، أثارت الصورة تساؤلات واعتراضات في أوساط الشباب في فترة كانت الشرطة فيها قد عادت لممارساتها القمعية للحريات الشخصية بقص شعر الشباب واعتقالهم في التجمعات والأماكن العامة.
وعلق الناشطون في الصورة “في البلد دي يا تكون امريكي يا لاعب كورة عشان شعرك ما يتهبش”.
تلعب كورة !!
أعاد ذلك للأذهان موقف لاعبي نادي الأمل عطبرة اللذان تم حلق شعرهما خلال معسكر النادي في مدينة الأبيض في فبراير الماضي، اثناء تجولهما خارج المعسكر وذاك ضمن حملة للقوات النظامية بحاضرة ولاية شمال كردفان.
بعدها تقدم مدير الشرطة بولاية شمال كردفان بزيارة لمقر البعثة وبادر بالإعتذار عن حلاقة شعر اللاعبين ووجه “بعدم التعرض للبعثات الرياضية بالمدينة”.
هل عاد النظام العام بوجه جديد !
بعد اعلان وزارة الداخلية عبر المكتب الصحفي للوزارة في اغسطس الماضي عن انشاء “إدارة الشرطة المجتمعية” بحجة أن ذلك يأتي لإشراك المواطن في العملية الأمنية من داخل الأحياء.
وقد صرح الناطق الرسمي للشرطة العميد عبدالله بشير البدري، في لقاء تلفزيوني، إن “قرار تفعيل الشرطة المجتمعية سيطبق لأننا كمجتمع لدينا تقاليد وأعراف لا تقبل ارتداء الملابس الفاضحة والظواهر الدخيلة على مجتمعنا السوداني، ونسعى لإحداث شراكة فاعلة بيننا وبين المجتمع من خلال التعريف بأهمية التعاون لحفظ الأمن، وذلك بإقامة محاضرات وأنشطة رياضية وثقافية، ونسعى أيضاً لمنع آثار العنف والمصالحات على المستوى المجتمعي”.
وفي ما يتعلق بالخلفية السياسية للشرطة المجتمعية، قال البدري، إن “قرار عودة الشرطة المجتمعية لا علاقة له بالسياسة”. وحول تشبيهها بالنظام العام، أشار إلى أن “القرار لا علاقة له بالنظام العام ولا يمثل الوجه الآخر له”، مستدركاً “هدفنا فقط حفظ الأمن والاستقرار”.
وعن المخاوف التي تعتري الناس في ما يتعلق بالقانون، قال البدري “إذا ثبت أن هناك من يعمل بقانون النظام العام بشكل مخالف سيتعرض للمساءلة”، فيما أكد والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة “دعم حكومته لخطط وبرامج شرطة الولاية وتطوير آلياتها حتى تتمكن من محاربة أوكار الجريمة وتأمين المواطن”.
في المقابل إعتبر السودانيون أن الشرطة المجتمعية ما هي إلا وجه آخر لقانون النظام العام،الذي عاد متنكراً بمسمى مختلف يحمل نفس”السياسات” التي تعطي الصلاحية للتدخل والتصرف في مساحات المواطنين الشخصية تحت مسمى حماية” الآداب المجتمعية”، كما عبر نشطاء وحقوقيون عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن تخوفهم من أن يكون القرار بمثابة عودة رسمية لقانون النظام العام.
و كان قد حذر محامون في السودان، من عودة شرطة النظام العام لممارسة مهامها بمسمى جديد معتبرين قرار وزارة الداخلية بتفعيل الشرطة المجتمعية، بداية للتضييق على الحريات والاستمرار في ارتكاب انتهاكات ضد المواطنين.
وكان منتصر عبدالله، وهو عضو بارز في مجموعة محامو الطوارئ قد قال في لقائة بأحد الصحف في وقت سابق “إن الشرطة المجتمعية التي أعلن عنها إجراء يهدف لفرض مزيد من التضييق في الحريات لكون أن المواد المتعلقة بالآداب موجودة في القانون الجنائي السوداني ولم يتم إلغائها وهي ليست في حاجة لإدارة متخصصة لتنفيذها”.
اقرأ أيضاً :