بورتسودان | برق السودان
في خطوة مفاجئة من شأنها إنهاء أحد أقدم الملفات الخلافية في العلاقات المصرية–السودانية، كشفت مصادر مطلعة أن مجلس السيادة السوداني وجّه رسمياً المفوضية الوطنية للحدود باعتماد خريطة تُظهر مثلث حلايب–شلاتين–أبو رماد داخل الحدود المصرية، وذلك قبل انطلاق المفاوضات المرتقبة مع المملكة العربية السعودية حول ترسيم الحدود البحرية.
وأكدت المصادر أن هذه الخطوة جاءت بناءً على اتفاق مباشر بين رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ما يمثل إعلاناً عملياً لإنهاء النزاع الحدودي الذي استمر لعقود بين البلدين.
الاتفاق على تثبيت المثلث المتنازع عليه داخل الحدود المصرية مع تعهّد الطرفين بعدم إثارة القضية مجدداً في أي محفل دولي
اتفاق سياسي يمهد لتسوية تاريخية
وفقاً للمعلومات، جرى التوافق النهائي خلال لقاء جمع السيسي والبرهان، حيث تم الاتفاق على تثبيت المثلث المتنازع عليه داخل الحدود المصرية، مع تعهّد الطرفين بعدم إثارة القضية مجدداً في أي محفل دولي. وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، قبيل بدء مفاوضات بين الخرطوم والرياض لترسيم الحدود البحرية، وهي مفاوضات حساسة من شأنها التأثير على توزيع الجرف القاري والموارد الطبيعية والسيطرة على ممرات البحر الأحمر الاستراتيجية.
وأشار المصدر إلى أن مصر عملت على حماية مصالحها الحيوية من خلال ضمان اعتراف سوداني مكتوب بالسيادة المصرية على المثلث، بما يقطع الطريق أمام أي محاولة مستقبلية للطعن في الوضع القائم، خاصة وأن المثلث يخضع لسيطرة مصرية عسكرية وإدارية كاملة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.
أبعاد استراتيجية وأمنية للقرار
يحمل المثلث المتنازع عليه أهمية جيوسياسية متزايدة، ليس فقط بسبب موارده الطبيعية، بل أيضاً لموقعه المطل على أحد أهم طرق الملاحة العالمية في البحر الأحمر. ويرى محللون أن إقرار السودان بسيادة مصر على المنطقة يعزز من موقف القاهرة في حماية أمنها البحري، ويمنحها أفضلية في أي ترتيبات إقليمية أو دولية تخص البحر الأحمر.
ويرتبط النزاع تاريخياً بأحداث منتصف التسعينيات، عندما فرضت مصر سيطرتها الكاملة على المثلث عقب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، والتي اتهمت القاهرة عناصر مدعومة من الخرطوم بالضلوع فيها. ومنذ ذلك الوقت، رفضت مصر أي تحكيم دولي في القضية، مستندة إلى مبدأ السيادة والخرائط الرسمية ووجود مؤسسات الدولة في المنطقة.
ويأتي هذا التحول في الموقف السوداني في ظل تغيرات إقليمية متسارعة، حيث تعمل السعودية على حسم ملفات الحدود البحرية مع دول البحر الأحمر، ما يزيد من حساسية أي تعديل في نقاط الانطلاق الحدودية أو تقسيم الجرف القاري، خاصة مع التداخل المعقد للمصالح الأمنية والاقتصادية في المنطقة.