الإقتصاد

السودان يغرق في الظلام: انهيار 35% من إنتاج الكهرباء يهدد الاقتصاد ويشل الحياة اليومية

اقتصاد تحت الحصار: القطاعات الإنتاجية في مهب الريح

الخرطوم | برق السودان

شهد السودان في الأيام الأخيرة واحدة من أسوأ الأزمات التي طالت بنيته التحتية الحيوية، بعد إعلان المدير العام لشركة كهرباء السودان، عبد الله أحمد، عن تدمير كامل لعدد من محطات التوليد الرئيسية، وهي بحري الحرارية، وقري (1، 2، 4)، إضافة إلى محطة جبل أولياء. وقد تسبب هذا الدمار في فقدان ما يزيد عن 1000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، ما يعادل 35% من القدرة الكلية للبلاد، وهو رقم يشير إلى أزمة طاقة غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث.

ولم يتوقف الضرر عند محطات التوليد، بل شمل أيضًا شبكات النقل الكهربائي، حيث تم تدمير أكثر من 1500 كيلومتر من الخطوط والأبراج، إضافة إلى فقدان أكثر من 20 ألف برميل من زيوت المحولات. وتعتبر هذه الخسائر ضربة قاصمة لقطاع الطاقة في البلاد، الذي يعاني أصلًا من ضعف الاستثمارات والبنية التحتية المتقادمة.

اقتصاد تحت الحصار: القطاعات الإنتاجية في مهب الريح

مع تراجع أكثر من ثلث القدرة الإنتاجية للكهرباء، تواجه المصانع والمؤسسات الإنتاجية في السودان شللاً شبه كامل. العديد من القطاعات الصناعية، مثل الأغذية، والدواء، والنسيج، والمعادن، تعتمد كليًا على التيار الكهربائي. ويؤدي انقطاعه إلى توقف الإنتاج، وإتلاف المواد الخام، وتكبّد خسائر ضخمة يصعب تعويضها في ظل بيئة اقتصادية هشة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد المصانع والمستودعات على المولدات الخاصة كبديل مؤقت يرفع من تكاليف التشغيل، في بلد يعاني أصلًا من أزمة في إمدادات الوقود. ويمثل هذا الوضع عبئًا كبيرًا على رجال الأعمال والمستثمرين، ويدفع بالكثيرين إلى تعليق نشاطاتهم أو نقلها خارج البلاد.

القطاع الزراعي بدوره لم يسلم من الضرر، إذ تعتمد مشاريع الري الحديثة على الطاقة لضخ المياه. تعطل هذه الأنظمة قد يؤدي إلى تدمير محاصيل كاملة، ما ينذر بأزمة غذاء تلوح في الأفق.

الحياة اليومية للمواطن: ظلام، عطش، وانقطاع عن العالم

تدهورت الحياة اليومية للمواطن السوداني بشكل حاد منذ بدء الأزمة. في المدن الكبرى مثل الخرطوم وأم درمان، أصبحت الإنارة الليلية شبه معدومة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات السرقات والاعتداءات الليلية. كذلك، انقطعت مياه الشرب عن مناطق واسعة، نتيجة تعطل محطات الضخ التي تعتمد على الكهرباء، مما أجبر الأهالي على البحث عن بدائل مكلفة أو غير آمنة.

أما في القطاع الصحي، فالوضع مأساوي. المستشفيات أصبحت تعتمد على مولدات غير كافية لتشغيل جميع الأقسام الحيوية. أجهزة حفظ الأدوية، أقسام العناية المركزة، وغرف العمليات تعاني من ضعف الإمداد، مما يهدد حياة الآلاف من المرضى.

قطاع التعليم لم يكن بمنأى عن الأزمة؛ فتعطلت المدارس الذكية والجامعات، وتوقفت الحصص الدراسية الإلكترونية، وعجز الطلاب عن الدراسة ليلًا بسبب انعدام الإنارة.

أزمة تتطلب استجابة عاجلة

أمام هذا الانهيار، يواجه السودان تحديًا استثنائيًا يتطلب استجابة حكومية فورية ومساعدة دولية عاجلة لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، وتوفير حلول طارئة للحفاظ على الخدمات الأساسية. فالأزمة لم تعد مجرد مشكلة فنية، بل تهدد بزعزعة الاستقرار المجتمعي والاقتصادي في بلد يقف أصلًا على حافة الانهيار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى