
الخرطوم | برق السودان
أثارت خطوة رئيس الوزراء السوداني المعين حديثًا، د. كامل إدريس، بإصدار قرار يقضي بحل الحكومة الانتقالية جدلاً واسعًا داخل الأوساط السياسية، حيث اعتبرت حركة العدل والمساواة السودانية القرار بمثابة خرق واضح لاتفاق جوبا للسلام، مشيرة إلى أنه قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الجبهة الداخلية وتقويض أسس الشراكة السياسية التي نشأت عقب الاتفاق.
تقليص نفوذ الحركات المسلحة داخل الحكومة، خصوصًا في الوزارات الاقتصادية السيادية مثل المالية والمعادن
وتأتي هذه الخطوة في وقت يُتهم فيه مقربون من رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان، بالسعي لإعادة ترتيب المشهد السياسي عبر تقليص نفوذ الحركات المسلحة داخل الحكومة، خصوصًا في الوزارات الاقتصادية السيادية مثل المالية والمعادن.
الحركات المسلحة في دائرة الاستهداف: إقصاء ممنهج وخطوات مرتبة
بحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن هناك مخططًا تقوده الأطراف المقربة من الفريق البرهان لإبعاد الحركات المسلحة عن الوزارات الحساسة، وعلى رأسها وزارتي المالية والمعادن، وذلك ضمن توجه أوسع لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية بما يضمن سيطرة مباشرة للعسكريين وتحجيم نفوذ الموقّعين على اتفاق جوبا.
وقالت المصادر إن ما يجري من خطوات متسارعة، مثل حل الحكومة وتكليف وكلاء الوزارات، يعكس رغبة واضحة في تهميش القوى التي تشكلت عقب اتفاق جوبا، خاصة بعد تراجع دور الحركات المسلحة في الميدان السياسي والعسكري، على خلفية الخسائر التي منيت بها في ولايات دارفور وكردفان خلال الأشهر الماضية.
الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، معتصم أحمد صالح، أشار في تصريحات عبر منصة “إكس” إلى أن المادة 8.3 من اتفاق جوبا تنص بوضوح على ضمان استمرار الأطراف الموقعة في مواقعها داخل السلطة الانتقالية، ولا يحق إفراغ هذه المناصب إلا بتوافق أو عبر بدائل من داخل نفس الأطراف.
سلطة بورتسودان تُراجع نسبة المشاركة: تقليص تمثيل الحركات المسلحة
بالتزامن مع قرار حل الحكومة، كشفت تسريبات من داخل دوائر الحكم في بورتسودان أن هناك اتجاهاً رسمياً لمراجعة نسبة مشاركة الحركات المسلحة في السلطة، والمحددة مسبقاً بـ25% من هياكل الحكم الانتقالي.
وتسعى الجهات الحاكمة في بورتسودان، بحسب المصادر، إلى خفض هذه النسبة تدريجياً بحجة “فقدان الحركات لشرعيتها الميدانية” بعد خسائرها في النزاع الأخير مع الجيش والدعم السريع. كما تشير الدوائر إلى أن بعض عناصر الحركات المنضوية ضمن هياكل الحكم، أصبحت خارج دائرة التأثير، ما يمنح الفرصة لتبرير استبدالهم بعناصر محسوبة على الأجهزة العسكرية.
وقد حذرت حركة العدل والمساواة من أن أي مراجعة لاتفاق جوبا بشكل أحادي أو تقليص لنسب المشاركة المتفق عليها سيُعد نسفاً لاتفاقية السلام، ويفتح الباب أمام تصعيد سياسي وأمني واسع النطاق.
تصعيد سياسي مرتقب
تبدو المرحلة المقبلة محفوفة بالمخاطر، حيث ينذر الصراع المكتوم بين السلطة الانتقالية بقيادة البرهان والحركات المسلحة بتفجر أزمة سياسية جديدة قد تُعيد السودان إلى مربع الانقسام وعدم الاستقرار. ويأتي ذلك في ظل فشل متكرر للمساعي الدولية والمحلية في فرض حل سياسي شامل يرضي كافة أطراف العملية الانتقالية.