الأخبار

الفيتو المصري يُجهض قمة الرباعية الدولية بشأن السودان

القاهرة تصطف إلى جانب العسكر وتُربك مساعي التسوية

واشنطن | برق السودان 

الخلفيات: قمة مرتقبة وأمل مفقود

كان من المقرر أن تنعقد نهاية الشهر الجاري قمة رباعية تجمع الولايات المتحدة، مصر، السعودية، والإمارات، لمناقشة سبل إنهاء الحرب الدامية المتواصلة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه القمة كانت تُعتبر خطوة مهمة نحو تنسيق دولي يعزز جهود التسوية السياسية، ويضع حداً لصراع أودى بحياة الآلاف وشرّد الملايين.

تُصر القاهرة على إبقاء السلطة في يد المؤسسة العسكرية ما قد يؤدي إلى تعقيد أكبر ويطيل أمد الحرب

لكن، وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، أُلغيت القمة في اللحظات الأخيرة نتيجة رفض مصري قاطع لمبادرة أمريكية تهدف إلى إطلاق عملية انتقالية سياسية في السودان تستثني طرفي النزاع – الجيش والدعم السريع – لصالح قيادة مدنية محايدة تشرف عليها رعاية دولية.

الاصطفاف المصري: دعم العسكر وتقييد الحلول

الاعتراض المصري لم يكن شكليًا، بل اعتُبر بمثابة عرقلة مباشرة لجهود الرباعية الدولية، خصوصًا في ظل موافقة السعودية والإمارات على مناقشة المقترح الأمريكي. القاهرة، التي ترتبط بعلاقات أمنية واستخباراتية متينة مع المؤسسة العسكرية الحاكمة في السودان، رأت في الطرح الأمريكي تهديدًا غير مباشر لحلفائها في الخرطوم، فاختارت تعطيل القمة بالكامل بدلاً من الانخراط في مسار تفاوضي قد يُفضي إلى إقصاء العسكر.

مراقبون رأوا في الموقف المصري انعكاسًا لاستراتيجية ثابتة تهدف إلى دعم الأنظمة العسكرية في الجوار كضامن أول لمصالح القاهرة، لا سيما في ما يتعلق بأمنها الحدودي ومياه النيل. مصر تنظر إلى أي عملية انتقال مدني في السودان بريبة، خاصة إن جاءت بإشراف غربي أو برعاية دولية، وتخشى من تحولات سياسية قد تُفضي إلى نظام معادٍ أو غير متعاون.

نتائج وتداعيات: تلاشي التنسيق الدولي وتكريس الانقسامات

النتيجة المباشرة للفيتو المصري كانت إفشال محاولة تنسيق رباعية واعدة، ونسف ما اعتُبر فرصة نادرة لتقريب وجهات النظر الإقليمية والدولية بشأن مستقبل السودان. كما عزّزت الخطوة من حالة التباين بين العواصم المؤثرة، لتُضاف إلى سجل الإخفاقات الدولية في التعامل مع النزاعات المعقدة في إفريقيا.

رفض القاهرة للمبادرة – رغم مرونة الرياض وأبوظبي – وضع الولايات المتحدة في موقف حرج، وأعاد إلى الواجهة فشل واشنطن في بلورة رؤية موحدة لحل النزاعات في القارة، خاصة بعد الإطاحة بعدة أنظمة مدنية وتزايد الانقلابات العسكرية خلال السنوات الأخيرة.

نحو أزمة أعمق: هل تُعطَّل فرص السلام؟

مع تراجع مسار الرباعية، تزداد المخاوف من انسداد أفق التسوية السياسية في السودان، واستمرار الحرب بوصفها الخيار الوحيد على الطاولة. تمسّك مصر بالحلول العسكرية يُعيد تدوير الصراع بدل كسره، ويُفقد المدنيين فرص التمثيل الحقيقي في العملية السياسية.

وبينما تسعى قوى دولية لتجاوز منطق الحرب، تُصر القاهرة على إبقاء السلطة في يد المؤسسة العسكرية، ما قد يؤدي إلى تعقيد أكبر، ويطيل أمد الحرب، ويُعيد طرح التساؤل الجوهري: من يملك القرار في السودان؟ العسكر أم الشعب؟ وهل تسمح التحالفات الإقليمية فعلاً بمرحلة انتقالية جديدة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى