الكتل السياسية العراقية تبدأ «شهر عسل» بانتظار”شيطان التفاصيل”
العراق | برق السودان
بعد سنة وأربعة أيام، نجحت الكتل السياسية العراقية في إنهاء الجمود السياسي في البلاد الذي ابتُكر له مصطلح جديد هو «الانسداد السياسي» بدلاً عن المصطلح القديم «عنق الزجاجة».
وتمثل إنهاء هذا الجمود في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو الدكتور عبد اللطيف رشيد خلفاً للدكتور برهم صالح، وتكليف محمد شياع السوداني الوزير الأسبق وعضو البرلمان رئيساً للوزراء.
لم يتسلم رشيد بعد مفاتيح «قصر السلام»، الواقع خارج المنطقة الخضراء في مجمع رئاسي خاص بمنطقة الجادرية في جانب الرصافة من بغداد. لكن رشيد المتخصص بشؤون المياه لم يكن بعيداً عن هذا القصر، كونه عمل مستشاراً أقدم للرئيس العراقي الأسبق فؤاد معصوم.
وقد تسلم رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني كتاب التكليف من رشيد بعد إعلان فوز الأخير مباشرة بالمنصب في الجولة الثانية ضد خصمه برهم صالح، علماً أن لدى الرئيس مهلة 15 يوماً للتكليف، لكنه حتماً يريد التعويض عن الوقت الطويل الذي أنفقته الطبقة السياسية بالخلافات، الشخصية منها والعامة.
وبينما بدا فوز رشيد بمنصب رئيس الجمهورية تسوية، لكنها ليست كردية – كردية بقدر ما هي موقف شخصي مشترك بين مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونوري المالكي زعيم «ائتلاف دولة القانون»، من جهة والرئيس السابق برهم صالح من جهة ثانية، فإن هذه التسوية تحتاج إلى فترة اختبار نظراً لوجود تاريخ طويل من الخلافات بين الرجلين.
وعلى الرغم من أن صالح بقي مدعوماً حتى النهاية من زعيم الاتحاد الوطني بافل طالباني، فإن الأخير فرح بفوز رشيد معتبراً إياه مرشح حزبه، لا مرشح بارزاني.
وهذه تسوية أخرى تحتاج الى اختبار، حين يجري الحديث عن تقاسم المناصب بين الكرد أنفسهم سواء في بغداد أو داخل الإقليم.
أما السوداني فإن مراسم اختياره للمنصب لم تختلف كثيراً عن مراسم تكليف سلفه مصطفى الكاظمي، حين صفق جميع القادة السياسيين ممن حضروا احتفال التكليف في قصر السلام. الفارق الوحيد بين الأمرين أن السوداني، المنهدس والوزير العارف بشؤون مختلف الوزارات، بدا كأن أمامه مهمة تجاوز الإخفاق الذي تعاني منه الطبقة السياسية التي لم تتمكن طوال أكثر من سنة من تأليف حكومة.
ولا يبرر ما جرى سواء في انتخاب رشيد أو تكليف السوداني، سوى أن الكتل السياسية عجزت عن الاستمرار في العناد بحثاً عن مكاسب في الحكومة المقبلة. كما أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي وقف طوال الفترة الماضية أمام كل محاولة لقيام حكومة توافقية، سكت أمس تماماً حين تم التوجه إلى حكومة توافقية يصفق لها الجميع لحظة الاختيار والتكليف، ثم تبدأ المساومات طوال مدة التكليف، ومن بعدها تبدأ الخلافات حين يتسلل «شيطان التفاصيل» إلى المواقع والوزارات.
إنه شهر عسل يتكرر بالآلية والرتابة نفسهما منذ 19 سنة دون ملامح تغيير.