الهجمات من مصر.. كيف يتم حجب لجان المقاومة السودانية على فيسبوك
تشير البيانات إلى مسؤولية هجمات السلوكات التضليلية الموجهة
برق السودان | متابعات
لاحظَ مستخدمو الإنترنت في السودان أن بعض منشورات لجانِ المقاومة في أحياء شتّى قد اختفت من الخط الزمني لصفحاتهم على فيسبوك.
تُشكل لجان المقاومة ركنَ أساسي للمظاهرات المندلعة ضد الحكم العسكري في السودان، وتُعتبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أمراً في غاية الأهمية لعملها التنظيمي.
خمن بعض المستخدمين أن اختفاء المنشورات هو نتيجةُ هجوم إلكتروني من روسيا أو من الشركة الكندية «ديكنز آند ماديسون» التي سبق أن وكّلتها الحكومة السودانية. إلا أن بعض التحليلات الدقيقة تُظهر أن الهجوم قد صدر على الأغلب من مصر – جارة السودان الشمالية التي تبدي اهتماماً عميقاً في السياسة الداخلية للأخيرة.
لجان المقاومة هي منظمات مقارها الأحياء السكنية، لعبت دوراً حاسماً في تسيير المظاهرات منذ ثورة 2019م، تُعتبر هذه اللجان مركز المقاومة الشعبية في السودان.
مجلس الأمن يمدد ولاية بعثة يونيتامس في السودان مدة عام
في ظل ولادتها، خلال حكم نظام الديكتاتور المخلوع عمر البشير، نشأت اللجان في بيئة غير ديمقراطية، ومع ذلك استطاعت المحافظة على ديمقراطيتها داخلياً دون بنية تراتبية من خلال إلتزامها بانتخاب المسؤولين ديمقراطياً.
إن لجان المقاومة غير مرتبطة بأي حزب سياسي مما يجعل هزيمتها صعبة بواقعِ أنها لا تمارس السياسة وفق الطريقة التي يتوقعها العسكر، إلّا أنّ لديها أهدافاً واضحة وهي راديكاليةٌ حيال تحقيقها.
تواجه الجماعات الداعمة للديمقراطية في السودان سلوكات تضليلية موجهة (CIB) على فيسبوك وتويتر من قبل جماعات محلية مثل الإخوان المسلمون، ومن النظام المنزوع وشبكات خارجية من روسيا وتركيا.
السلوكات التضليلية الموجهة تتمثل في عمل مجموعة من الصفحات أو الناس معاً بهدف تضليل الأشخاص عن هويتهم وطبيعة عملهم. تهدف هذه الهجمات بشكل رئيسي للتأثير بالرأي العام عبر نشر معلومات مضللة، لكن الهجوم الأخير كان هدفه تغيير خوارزمية «آخر الأخبار» لإخفاء معلومات عن الخط الزمني لمستخدم فيسبوك.
جهاز تنظيم الاتصالات يصدر تحذيراً هاماً وتنبيهاً مهماً للحد من سرقة الهواتف
يصعب تحديد طبيعة التداخل من خارجِ فيسبوك، لكن هنالك أنماطٌ تسهُل ملاحظتها. أولًا، بدأت صفحات جديدة يتابعها ما بين المليون لخمسة عشر مليون حسابٍ غير مرتبطةٍ بالمؤثرين أو المشاهير بالظهور على صفحة آخر الأخبار للمستخدمين السودانيين في فبراير عام 2022م. إجمالًا، تركز هذه الصفحات على تهييج الخوالج الدينية والعاطفية، الأمر الذي يزيد من أعداد التفاعلات على منشوراتهم.
بعد ذلك، يستغل أصحاب هذه الصفحات ميزةَ فيسبوك الجديدة التي تسمح للصفحات بالإندماج. عندما تندمج صفحتان أو أكثر، ينتقل متابعو هذه الصفحات لصفحة جديدة، ويجد المستخدمون أنفسهم متابعين لصفحة لم يشتركوا بها من قبل.
بعد دمج الصفحات بهذه الطريقة، يتابع أصحابها مجموعة من متابعيهم، ويتفاعلون مع منشوراتهم بالإيجاب أو السلب وبالتالي يؤثرون بظهور صفحاتهم للآخرين. كما بيّن فرانسز هوجين مؤخراً، تُثقّل مختلف التفاعلات على شريط تفاعلات فيسبوك بشكل مختلف، ومن خلال التفاعل سلباً أو التصويت بعدم التأييد على منشورات شخص ما، تضمن الحسابات الكبيرة بشكل أساسي ألا يراه أحد. فعلياً، تشكل هذه الإجراءات حجباً يسكت منشورات لجان المقاومة دون معرفتهم.
ولاة الولايات يطالبون الحكم الاتحادي بمراجعة الشركة السودانية للموارد المعدنية
تشير الأدلة الأولية إلى أن حسابات لجان المقاومة السودانية على فيسبوك قد استهدفت بهذه الطريقة. اختفت العديد منها من صفحة آخر الأخبار لعدة أيام حتى تصدى المستخدمون السودانيون للأمر من خلال البحث عن صفحات لجان المقاومة ومشاركة محتوياتها على الرغم من الحجب.
يستعرض الجدول التالي أمثلة عن بعض الصفحات المشاركة في هذه السلوك:
أبدت الصفحة دعوةً لمتابعيها للانضمام للمجموعة كما هو موضح في الصورة أدناه:
يُدعى صاحب المجموعة محمد رمضان، رقم حسابه (100005090072733)، وحسابه أصلي ونشط منذ يناير عام 2013م. يقول حساب محمد أنه من أسيوط (مدينة مصرية). بعض منشوراته عن محمد ابو تريكة ومحمد صلاح –أشهر اللاعبين المصريين– ومعظم المنشورات باللغة العربية المصرية. للصفحة رقم 5 في الجدول أعلاه ثلاثة مدراء يعيشون في مصر كما هو موضح في الصورة أدناه.
يشير هذا التحليل إلى أن هذا الهجوم المخطط في 16 يناير عام 2022م. تظهر الحسابات أن موقعها في مصر على الرغم من إمكانية استخدامها لشبكات خاصة افتراضية (في بي إن) ونشرها المنشورات من مكان مختلف. لكن الحكومة المصرية لها بالفعل أسبابها التي تجعلها مضادة للجان المقاومة السودانية، ذلك لأن اللجان دعت لإضراب على طول الطريق القاري بين مصر والسودان مطالبين بتوزيع محلي للموارد المنقولة عبر الطريق. كما تدعم مصر الانقلاب العسكري في السودان والذي رفضته لجان المقاومة منذ 25 أكتوبر، 2021م.
ليفربول في خطر.. يخسر 10 لاعبين دفعة واحدة!
بالمثل، لن يكون غريباً على الحكومة المصرية التدخل في الفضاء الرقمي السوداني. في يونيو عام 2019م، أشادت حملة قادتها شركة مصرية بالحكم العسكري عقب مذبحة الخرطوم التي قُتل خلالها أكثر من مئة مواطن سوداني أثناء مطالبتهم بحكومة مدنية.
قادت الحملة شركة يملكها ضابط سابق في الجيش المصري، واستهدفت فيسبوك وتويتر وإنستغرام وتيلغرام عبر كتابة محتوىً مناصر للعسكر.
تم حذف هذه الصفحات قبل نشر المقال، وليس من الواضح ما إذا كانت فيسبوك حذفتها أو تم حذفها من قبل أصحاب الصفحات أنفسهم.
زادت شركة ميتا مؤخراً من الإجراءات الصارمة ضد السلوكات التضليلية الموجهة وقد يكون هذا مثالاً على ذلك، لكن من أجل حماية لجان المقاومة بشكل أكبر، يدّعي أعضاء ميتا أن تأكيد اللجان لصفحاتهم من شأنه أن يساعد أركان الثورة السودانية هذه من هجمات مماثلة في المستقبل.
المصدر : أدفوكس – مشروع مستقل لجلوبال فويسز هدفه الدفاع عن حرية التعبير ومحاربة الحجب الإلكتروني