الخرطوم | برق السودان
أم درمان- “مغلق للصيانة”.. لم تعد العبارة التي يقولها لك حرس متحف بيت الخليفة بأم درمان صالحة للاستعمال، فبعد سنوات من الإغلاق أعيد افتتاح متحف بيت الخليفة، واتصلت كلمة مجتمعي باسمه ليطّلع بوظيفة جديدة مع الوظائف التقليدية للمتاحف.
الخليفة وبيته
أكثر من 13 عامًا قضاها خليفة المهدي عبد الله التعايشي على سدة الحكم في السودان، إذ توفي قائد الثورة الإمام محمد أحمد المهدي بعد شهور قليلة من فتح قواته مدينة الخرطوم. فبايع الأنصار رفيقه وخليفته عبد الله محمد تورشين المعروف بعبد الله التعايشي.
ومن المعروف أن المهدي وقواته حلوا بأم درمان وظلوا يحاصرون الخرطوم من 13 مارس/آذار 1884 إلى 26 يناير/كانون الثاني 1885، فأقيم بيت للمهدي يجاوره بيت للخليفة، وبعد أن صار الخليفة حاكمًا توسع الأمر وبُني البيت بواسطة أحد الأنصار -حمد عبد النور- وفقا للخارطة التي صممها المعماري الإيطالي بترو، واستخدم في بنائه الطوب اللبن، والطوب الأحمر المجلوب من الخرطوم، والحجر، وبعض مواد البناء من بقايا آثار سوبا.
كان بيت الخليفة خاصرة أم درمان، وحوله قامت مرافق الدولة المهدية الرئيسة، مثل بيت المال، وبيت الأمانة، والمسجد، والسوق، ومرافق أخرى مهمة، وأنشئ البيت على مرحلتين الأولى بين عامي 1887- 1888، أما المرحلة الثانية فكانت عام 1891 وفيها شيد الطابق الثاني.
وظل المنزل سكنًا للخليفة عبد الله، ومقرًّا للحكم، حتى سقوط أم درمان عام 1898.
وتورد الباحثة المصرية الدكتورة أسماء إسماعيل من کلية الآثار بجامعة الفيوم في ورقة علمية منشورة لها أن كتشنر باشا قائد الجيش الإنجليزي سكن لأيام ببيت الخليفة إلى حين إصلاح سرايا الخرطوم، والتي عرفت بعد ذلك بقصر الحاكم العام، ثم أضحى سكنًا لمفتش أم درمان، واستمر الوضع حتى عام 1911، إذ بني منزل للمفتش الإنجليزي بالقرب منه فهجر بيت الخليفة.
من بيت لمتحف
لم يحظَ البيت بالاحترام بعد أن صار لمفتش أم درمان الإنجليزي بيت مجاور، بل إن بعض الأجزاء استغلت إسطبلات للخيل، وهدمت بعض الغرف، إلى أن عُين المستر برمبل مفتشًا لأم درمان في عام 1924، وكانت زوجته مهتمة بالآثار فتقدمت بطلب للسكرتير الإداري بتحويل بيت الخليفة إلى متحف، وتمت الموافقة على الطلب عام 1928.
ولئن كان البيت قد شيد في فترة المهدية فإنه يوثق عبر مقتنياته لما سبقها كذلك، خاصة ما غنمته المهدية في معاركها من أسلحة ومعدات وعملات، ويوثق لما أعقب المهدية أيضًا وبشكل خاص حقبة كتشنر أول حاكم عام بعد دخول الإنجليز ووينغيت باشا الذي خلفه.
يمتد بيت الخليفة في مساحة تقارب 3500 متر، ويضم عددًا من الغرف، ومجلسًا للشورى ومكانًا لتعليم الصبية، وخلوة للتعبد، ومنزلاً خاصًّا لزوجة الخليفة السيدة أم كلثوم ابنة المهدي، إضافة إلى مرافق أخرى.
مديرة المتحف نعمات محمد الحسن أفادت الجزيرة نت بأن المتحف يحتوي على أكثر من ألفي قطعة أثرية تتبع في غالبيتها للفترة المهدية، لكنها تحوي بعض آثار الفترة التركية وبداية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري. لكن عددًا من القطع بدأ التلف يتسلل إليها في السنوات الأخيرة، مثلما تسلل للبيت نفسه فكانت الصيانة.
وبدا واضحا الترميم الذي جرى لمقتنيات المتحف، وطريقة العرض الجميلة، والتي من المؤمل أن تساعد مع الفعاليات المجتمعية أن تكون عاملا لجذب ثقافي، وعونا لحفظ الآثار والتاريخ السوداني، لكن الصيانة التي جرت على المرافق لفتت النظر إيجابا وسلبا، فإضافة للون وعدم اكتمال البطاقات التعريفية لاحظت الجزيرة نت النشاز الذي سببه إدخال أجهزة التكييف والمراوح، سواء في ثقب الحائط أو سوء الترميم.
اقرأ ايضاً :