تقرير | برق السودان
في خطوة أثارت الجدل والتساؤلات، كشفت مصادر خاصة لـ «برق السودان» عن تجديد أكثر من 17,311 جوازًا دبلوماسيًا سودانيًا خلال الشهر الماضي، تحملها شخصيات تنتمي إلى النظام السابق، وعائلاتهم، وأفراد من الحزب الحاكم السابق “المؤتمر الوطني”. تضم القائمة أسماء بارزة، من بينها الشيخ الإخواني عبد الحي يوسف، مما فتح الباب واسعًا أمام أسئلة حول كيفية استمرار هذه الامتيازات ومن يقف وراء تجديدها.
قانونية تجديد الجوازات: هل هناك تلاعب إداري؟
تُمنح الجوازات الدبلوماسية عادةً لشخصيات ذات صلة مباشرة بالخدمة الدبلوماسية أو المناصب العليا في الدولة، إلا أن ما يحدث في السودان يثير الكثير من التساؤلات.
بحسب المراقبين، فإن الجوازات التي تم تجديدها تشمل أفرادًا انتهت صلاحياتهم كممثلين رسميين للدولة أو لم تعد لهم صلة بمناصب سيادية. يُثار الشك حول وجود تواطؤ أو تراخٍ إداري داخل المؤسسات المسؤولة عن إصدار هذه الجوازات. ويرى خبراء أن استمرار هذه الامتيازات قد يعكس ضعف الرقابة أو استمرار نفوذ النظام السابق داخل الأجهزة الإدارية للدولة.
الأسئلة المحورية تتعلق بغياب الإجراءات الحازمة التي تلزم بمراجعة هذه القوائم بشكل دوري وإلغاء الجوازات الدبلوماسية غير المستحقة. هل الجهات المسؤولة عن التجديد خاضعة لسلطة جهات عليا، أم أن الأمر نتاج فساد إداري؟
الأبعاد السياسية لتجديد الجوازات: إرث النظام السابق مستمر
لا يمكن فصل هذه القضية عن التوترات السياسية التي تعيشها البلاد منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019.
يرى محللون أن استمرار منح الامتيازات لكوادر النظام السابق وعائلاتهم يعكس استمرار تأثير شبكات المصالح والنفوذ المرتبطة بالنظام البائد. هذه الشبكات قد تكون مسؤولة عن تمرير قرارات من هذا النوع رغم أنها تتعارض مع المصلحة العامة.
تجديد الجوازات الدبلوماسية له أبعاد دولية أيضًا؛ إذ يمنح حامليها حرية التنقل وامتيازات حصانة، مما قد يُستخدم لتأمين مصالح خاصة أو حتى التحايل على العقوبات الدولية.
مطالب بالتحقيق والمحاسبة
أثارت القضية ردود فعل واسعة بين السياسيين والنشطاء، الذين دعوا إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل لتحديد المسؤولين عن استمرار تجديد هذه الجوازات.
من بين المقترحات المطروحة:
1. مراجعة شاملة: قائمة حاملي الجوازات الدبلوماسية للتأكد من مطابقتها للمعايير القانونية.
2. إصلاحات إدارية: تشمل إعادة تنظيم الجهات المسؤولة عن إصدار الجوازات وإخضاعها لرقابة صارمة.
3. مساءلة قانونية: لجميع الأطراف المتورطة في منح أو تجديد الجوازات بصورة غير قانونية.
مطلب الشفافية أولًا
تجديد الجوازات الدبلوماسية السودانية لأفراد من النظام السابق يكشف ثغرات عميقة في النظام الإداري والسياسي. القضية تُبرز أهمية إصلاح المؤسسات وضمان نزاهتها لتعكس روح التغيير التي نادى بها الشعب السوداني منذ الإطاحة بالنظام السابق. الشفافية والمحاسبة وحدهما يمكن أن يعيدا الثقة في مؤسسات الدولة ويحدان من استمرار الامتيازات غير المشروعة.