الأخبارتقارير

تحقيق استقصائي: «اتفاق النار البارد».. تسريبات تكشف أجندة جديدة وتصعيداً متوقعاً من الكيزان

قراءة في المشهد القادم: صدام حتمي؟

برق السودان | تحقيق خاص

في الوقت الذي تشتد فيه المعارك على الأرض وتشتعل حرب الروايات في الفضاء الإعلامي، كشفت تسريبات موثوقة عن اتفاق سري قيد التفاوض بين أطراف الحرب في السودان، مدعوم بإشراف دولي، يُنتظر أن يقلب موازين الصراع ويعيد وضع السودان في مساره الطبيعي، وإن كان مؤقتاً. غير أن الاتفاق ذاته يواجه حملة شرسة من أبواق النظام البائد وأدوات الحرب، الذين يدركون أن ما هو قادم لا يصب في صالحهم.

ما الذي كُشف في التسريبات؟

التسريبات – التي اطلع عليها فريق «برق السودان» من مصادر قريبة من المفاوضات – تكشف عن بنود محورية تحمل دلالات سياسية وعسكرية بالغة، يمكن تلخيص أبرزها كما يلي:

• وقف إطلاق نار مؤقت لمدة ثلاثة أشهر، تمهيداً لاتفاق شامل ودائم. هذه المهلة يُنظر إليها كفرصة لتثبيت خطوط التماس، وتقييم التزام الأطراف.

• محاسبة الطرف الذي بدأ بإطلاق النار، وهو بند غير مسبوق في اتفاقات مشابهة، ويؤسس لمبدأ العدالة والمساءلة لا التسوية السياسية التقليدية.

• تصريحات قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، التي حملت إشادة بـ “حميدتي”، اعتُبرت رسالة مبطنة حول ترتيبات ما بعد الحرب، ما أثار غضب الإسلاميين الذين رأوا في ذلك مؤشراً لاستبعادهم.

• لجنة أممية ستحدد الطرف المعتدي وفقاً للقانون الدولي الإنساني، على أن تُعلن الوثائق أمام الشعب السوداني في مؤتمر صحفي، في سابقة من نوعها في الصراعات الأفريقية.

• حوار سوداني – سوداني موسع يشمل كل المكونات عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته.

• إعادة المطلوبين من النظام السابق إلى العدالة، في خطوة لوقف سياسة الإفلات من العقاب وإعادة الثقة في مؤسسات القانون.

• تجريم تسليح الكتائب الجهادية ومنع عمليات استنفار المدنيين، وهي نقطة تستهدف بالأساس نشاط الحركة الإسلامية وفلول النظام البائد.

• مراجعة العلاقات الخارجية للسودان بناءً على أهداف وموجهات ثورة ديسمبر المجيدة.

لماذا تصاعدت هجمات أبواق النظام البائد؟

الهجمة الإعلامية التي تقودها أبواق الحركة الإسلامية وحلفاء الجيش لم تأتِ من فراغ. فالبنود المسربة تضرب بعمق في امتيازاتهم التاريخية:

أولاً، استبعادهم من أي ترتيبات قادمة يعني نهاية مشروع التمكين الذي دافعوا عنه بالسلاح.

ثانياً، محاسبة من أطلق الشرارة الأولى تضعهم أمام مسؤولية مباشرة، لا يمكن تغطيتها بادعاءات “الواجب الوطني”.

ثالثاً، فإن إشادة كيكل بحميدتي في هذا التوقيت، تشير إلى إعادة ترتيب الحلفاء الإقليميين والدوليين، وهو ما يعزل الكيزان أكثر فأكثر.

وهو ما يفسر حملاتهم التي تسعى إلى إفشال الاتفاق قبل أن يرى النور، بالتشكيك فيه، وشيطنة المشاركين فيه، بل والدفع نحو تصعيد عسكري ميداني يمنع إنجازه.

قراءة في المشهد القادم: صدام حتمي؟

وفق قراءة مراقبين، فإن تنفيذ بنود الاتفاق – إن تم فعلاً – يعني:

• مواجهة مباشرة بين القوات المسلحة والحركة الإسلامية المتغلغلة فيها، خصوصاً في ملفات العدالة ومحاسبة الفلول.

• تصعيد إعلامي كبير ضد القوى المدنية والمجتمع الدولي، بدعوى “الاستعمار الجديد” أو “الإقصاء السياسي”.

• محاولات تحريك الشارع الإسلامي عبر فتاوى، وتعبئة إعلامية، وتحريض على من يوصفون بـ”العلمانيين” و”الخونة”.

• رفض علني لمخرجات الحوار الوطني حال استبعاد المؤتمر الوطني، ما قد يُستخدم ذريعة لتخريب أي مسار سياسي قادم.

هل هذا الاتفاق فرصة أم فخ؟

تتباين الآراء بين من يرى أن هذا الاتفاق – حتى ولو مؤقت – يشكل بارقة أمل حقيقية، خصوصاً أنه ينطلق من مبادئ العدالة، ووقف الحرب، والعودة إلى مسار مدني ديمقراطي، وبين من يحذر من أنه مجرد “صفقة سياسية” لإعادة ترتيب المشهد، دون ضمانات حقيقية للضحايا.

لكن المؤكد أن ما سُرّب ليس مجرد بنود تقنية، بل هو إعلان ضمني عن مرحلة جديدة، تتطلب من القوى المدنية والثورية أن تكون أكثر استعداداً، ومن الشعب السوداني أن يكون أكثر وعياً، لمواجهة ردة الفعل القادمة من الكيزان وكتائبهم.

برق السودان تتابع.. وفي حال صدور النص الرسمي للاتفاق، سنوافيكم بتحليل مفصل لكافة البنود وتقييم المواقف الدولية والمحلية حياله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى