الأخبارتقارير

تسريبات تكشف ضغوط جبريل إبراهيم على حكومة كامل إدريس

تهديدات مبطنة وابتزاز سياسي لفرض السيطرة على المالية

تقرير | برق السودان 

في ظل ترقب الشارع السوداني لتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة الدكتور كامل إدريس، كشفت تسريبات موثوقة عن تصاعد الضغوط التي تمارسها بعض حركات الكفاح المسلح، وعلى رأسها حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، الذي يتمسك بشكل متعنت بمنصب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، رافضًا أي دور آخر داخل الحكومة الجديدة.

تسعى الحركات المسلحة إلى الاحتفاظ بمواقعها السابقة كغنائم سياسية ضاربة عرض الحائط بمبادئ ثورة ديسمبر وشعار «لا محاصصة ولا محسوبيات»

وبحسب مصادر مطلعة مقربة من دوائر صنع القرار، فإن جبريل إبراهيم، لم يكتفِ بالضغط السياسي، بل عمد مؤخرًا إلى سحب قواته من المثلث الحدودي، في خطوة وُصفت بأنها “تهديد مبطن” لإرباك المشهد الأمني، ورسالة واضحة لحكومة إدريس، بضرورة الخضوع لمطالبه.

حكومة الكفاءات تواجه منطق الغنائم

يرى مراقبون أن تمسك جبريل إبراهيم، بوزارة المالية، ورفضه لأي موقع آخر في مجلس الوزراء، يكشف بوضوح نية حركات الكفاح المسلح في التحول من شركاء سلام إلى أمراء سلطة ومال. فبدلًا من الانخراط في مشروع وطني يعالج الأزمة السودانية من جذورها، تسعى هذه الحركات، كما تؤكد المصادر، إلى الاحتفاظ بمواقعها السابقة كغنائم سياسية، ضاربة عرض الحائط بمبادئ ثورة ديسمبر وشعار “لا محاصصة ولا محسوبيات”.

وتشير التسريبات إلى أن رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي يواجه تحديات ضخمة في تشكيل حكومة مدنية انتقالية، رفض حتى اللحظة الرضوخ لأي ضغوط، مؤكدًا في لقاءات مغلقة أن التشكيل الوزاري سيكون مبنيًا على معايير الكفاءة والنزاهة والحياد السياسي، وأنه لن يسمح بإعادة إنتاج الفشل عبر نفس الوجوه التي شاركت في تقويض الدولة خلال الفترة السابقة.

انسحاب مريب وابتزاز مكشوف

في خطوة فسّرها البعض على أنها محاولة مكشوفة لابتزاز الحكومة الانتقالية، عمد جبريل إبراهيم، إلى سحب قواته المنتشرة في المثلث الحدودي، وهو ما أثار حالة من القلق وسط الأجهزة الأمنية التي اعتبرت الخطوة تهديدًا مباشرًا للاستقرار في تلك المنطقة الحساسة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية وعسكرية معقدة.

وتؤكد مصادر استخباراتية أن انسحاب قوات جبريل، لم يكن بدافع تكتيكي أو ميداني، بل جاء بعد فشل محاولاته في الحصول على تأكيد رسمي باستمراره في منصب وزير المالية، وهو المنصب الذي يصر على الاحتفاظ به رغم الانتقادات الواسعة لفترة توليه السابقة، التي شهدت تدهورًا اقتصاديًا متسارعًا وتناميًا في الفساد المالي والإداري.

انسحاب القوات المشتركة وتمدد الدعم السريع

في خطوة فسّرها البعض على أنها محاولة مكشوفة لابتزاز الحكومة الانتقالية، أصدر جبريل إبراهيم، تعليمات مباشرة بسحب القوات المشتركة التابعة لحركته من المثلث الحدودي، ما أدى إلى فراغ أمني خطير استغلته قوات الدعم السريع، التي سارعت إلى فرض سيطرتها الكاملة على منطقة “كرب التوم” الاستراتيجية.

وتمثل “كرب التوم” نقطة محورية في المعادلة الجغرافية والعسكرية، إذ إنها تقع بالقرب من الطريق الذي يربط دارفور بالشمالية، وتتيح لمن يسيطر عليها التمدد شمالًا. وبحسب مصادر ميدانية، فإن الدعم السريع أصبح الآن على مشارف الولاية الشمالية، في تطور خطير يُنذر بتوسّع رقعة الصراع.

وأكدت تقارير ميدانية أن الانسحاب المفاجئ للقوات جاء استجابة لتعليمات مباشرة من جبريل إبراهيم بعد فشل محاولاته في انتزاع ضمانات من رئيس الوزراء بشأن استمراره في وزارة المالية، وهو ما اعتُبر بمثابة مقايضة غير وطنية على حساب الأمن القومي.

جبريل.. من ثائر إلى طامع في الدولة

تحوّل جبريل إبراهيم، بحسب مراقبين، من شخصية محسوبة على معسكر الثورة إلى رمز لتمكين الحركات المسلحة داخل مؤسسات الدولة، حيث استغل توقيع اتفاق جوبا للسلام للانقضاض على مفاصل السلطة الاقتصادية، واضعًا يده على وزارة المالية كأداة للنفوذ السياسي، وليس كوسيلة لإصلاح الاقتصاد المنهار.

وبينما يتحدث جبريل، عن استحقاق سياسي، يرى الشارع السوداني أن أداءه خلال توليه الوزارة لم يشهد أي إصلاح حقيقي، بل على العكس، تم تسجيل عشرات التجاوزات في الصرف العام، وتدهور سعر صرف الجنيه، وفشل ذريع في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو حتى تقديم رؤية مالية واضحة، مما يجعل تمسكه بهذا المنصب محاولة مكشوفة للبقاء في دائرة النفوذ، وليس لخدمة الشعب.

لا إصلاح في ظل المحاصصة

مع تمسك جبريل إبراهيم، ومكونات أخرى من حركات الكفاح المسلح بمواقعهم الوزارية، تواجه الحكومة المرتقبة تحديًا حقيقيًا: هل ستنجح في كسر منطق المحاصصة وفرض معايير الثورة؟ أم ستخضع للابتزاز السياسي على حساب الوطن والمواطن؟

في هذه المرحلة الحرجة، تتجه الأنظار إلى الدكتور كامل إدريس، الذي يملك فرصة نادرة لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة، تبدأ بإقصاء كل من يساوم بالسلام لتحقيق مكاسب شخصية، وتنتهي بحكومة كفاءات تقود البلاد نحو مستقبل مدني آمن ومستقر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى