تصريحات الإعيسر تثير جدلاً واسعاً: اتهامات بمناهضة روح ثورة ديسمبر وتقييد الحريات باسم هيبة الدولة
الإعيسر يُعيد إنتاج أسباب الغضب الشعبي الذي فجّر الثورة في عام 2018
بورتسودان | برق السودان
أثارت تصريحات وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر موجة واسعة من الجدل والانتقادات في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد حديثه عن أن رفع شعارات الديمقراطية دون الالتزام بما وصفه بـ«جوهرها» قد يحوّلها إلى أداة تهدد استقرار البلاد. واعتبر ناشطون وقوى مدنية أن هذه التصريحات تمثل انحرافاً عن مبادئ ثورة ديسمبر، وتوظيفاً سياسياً لمفهوم الاستقرار لتبرير تقييد الحريات العامة.
ويرى منتقدو الإعيسر، أن خطابه يعكس توجهاً متصادماً مع الشعارات التي رفعتها الثورة السودانية، والمتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، خاصة في ظل واقع سياسي وأمني بالغ التعقيد، يتطلب حماية الحقوق المدنية لا التضييق عليها.
خالد الإعيسر يفتح الباب أمام انتهاكات واسعة ويُعيد إنتاج أسباب الغضب الشعبي الذي فجّر الثورة في عام 2018
انتقادات ناشطين: تخوين المطالب المدنية وتقويض مكتسبات الثورة
قال ناشطون إن تصريحات الإعيسر، تحمل في مضمونها «تجريماً غير مباشر» للمطالب الديمقراطية، عبر ربطها بالفوضى وتهديد الأمن القومي، وهو ما وصفوه بلغة التخوين التي ظلت تستخدم تاريخياً لقمع الأصوات المدنية. وأكدوا أن وصف الاحتجاجات أو الخطاب المدني بأنه خطر على الاستقرار يُعد تراجعاً خطيراً عن مكتسبات ثورة ديسمبر، التي جاءت أصلاً لإنهاء نهج الدولة الأمنية وإرساء دولة القانون والمؤسسات.
وأضاف ناشطون أن استخدام مفاهيم مثل «هيبة الدولة» و«إعادة فرض السلطة» في سياق سياسي مأزوم، دون ضمانات واضحة للحريات، يفتح الباب أمام انتهاكات واسعة، ويُعيد إنتاج أسباب الغضب الشعبي الذي فجّر الثورة في عام 2018.
جدل حول مفهوم الديمقراطية في زمن الحرب
في المقابل، يرى مراقبون أن تصريحات الإعيسر تعكس توجهاً رسمياً يضع أولوية الأمن والاستقرار في مقدمة المشهد، في ظل الحرب الدائرة وتداعياتها الإنسانية والسياسية. إلا أن منتقدين يؤكدون أن هذا الطرح يُقدّم قراءة انتقائية لمفهوم الديمقراطية، تفصل بين الحقوق السياسية والواقع الوطني، وتغفل أن حماية الحريات تُعد جزءاً أصيلاً من أي استقرار حقيقي ومستدام.
ويحذر محللون من أن اختزال الديمقراطية في شعارات «منضبطة» وفق رؤية السلطة قد يؤدي إلى تعميق الانقسام المجتمعي، وإضعاف الثقة بين الشارع والقائمين على الحكم، خاصة إذا ترافقت هذه الرؤية مع تضييق على حرية التعبير أو استهداف للنشطاء والقوى المدنية.
ويخلص متابعون إلى أن الجدل الدائر حول تصريحات الإعيسر، يعكس أزمة أعمق تتعلق بمستقبل التحول الديمقراطي في السودان، وحدود العلاقة بين الأمن والحريات في ظل الحرب، وهو نقاش مرشح للتصاعد مع استمرار الصراع وتزايد المخاوف من تآكل ما تبقى من مكتسبات ثورة ديسمبر.



