حزب جاكوب زوما يفاجئ الجميع: دعم رسمي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية بالصحراء
تغير في مواقف جنوب إفريقيا قد يعيد تشكيل الخارطة السياسية الإفريقية تجاه النزاع

بورتسودان | برق السودان
في خطوة غير مسبوقة تحمل دلالات سياسية عميقة، أعلن حزب “أمة الجنوب الإفريقية” (African Transformation Movement – ATM)، الذي يقوده الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما، دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، واصفًا إياها بـ”الحل الواقعي والنهائي” لنزاع طال لعدة عقود.
تحول مفاجئ في موقف جنوب إفريقيا: دعم للحكم الذاتي بدلًا من البوليساريو
لطالما تمسكت جنوب إفريقيا، كقوة سياسية بارزة في القارة، بموقف داعم لجبهة البوليساريو منذ عقود، معتبرة ما يجري في الصحراء “مسألة تصفية استعمار”. غير أن بيان حزب زوما، المعروف بقربه من دوائر واسعة في المجتمع الجنوب إفريقي، يشير إلى تحول نوعي داخل النخبة السياسية في البلاد، والذي قد يُمهّد لتحول تدريجي في السياسة الرسمية إذا ما ترافق مع مكاسب انتخابية أو ضغط شعبي.
نُشيد بالمسار السياسي المغربي ونراه نموذجًا للحوار المسؤول والتسوية السلمية المتدرجة التي يجب أن تتبناها الدول الإفريقية في حل نزاعاتها الداخلية
حزب أمة الجنوب الإفريقية
وفي البيان الرسمي للحزب، جاء ما يلي:
“نعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية سنة 2007 حلاً واقعيًا، جديًا، وذا مصداقية، يفتح المجال لتسوية نهائية لهذا النزاع الذي طال أمده.”
هذا التغيير، إن استمر وتوسع، قد يُحدث انعطافة حاسمة في المواقف الإفريقية التقليدية التي لطالما تأرجحت بين الحياد والدعم للبوليساريو، ويعزز من الاتجاه العام نحو تبني حلول سياسية نابعة من الواقع الإقليمي.
إشادة واضحة بالمبادرة المغربية وتأكيد على مبادئ السيادة والوحدة
أشاد الحزب الجنوب إفريقي بمضمون المبادرة المغربية، مؤكدًا أنها تتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى تسوية سياسية متوافق عليها. كما أكد الحزب أن دعمه يستند إلى احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وإلى رفض كل أشكال الانفصال والنزاعات المصطنعة التي تقف حجر عثرة أمام التنمية في إفريقيا.
“نُشيد بالمسار السياسي المغربي ونراه نموذجًا للحوار المسؤول والتسوية السلمية المتدرجة التي يجب أن تتبناها الدول الإفريقية في حل نزاعاتها الداخلية.”
ودعا الحزب إلى تغليب منطق التكامل الإقليمي بدلاً من الانقسام، مؤكدًا أن استمرار النزاع حول الصحراء يُعيق آفاق بناء فضاء مغاربي مندمج وفعال.

دعم متزايد للمغرب في إفريقيا وخارجها
يشكل موقف حزب زوما رافعة جديدة للدبلوماسية المغربية، التي حققت مؤخرًا مكاسب لافتة على الصعيدين الإفريقي والدولي، حيث سبق أن دعمت مبادرة الحكم الذاتي دول إفريقية عديدة مثل السنغال، الغابون، غينيا، بوركينا فاسو، إضافة إلى دول من أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وتأتي هذه التطورات في وقت يعمل فيه المغرب على تعزيز حضوره الاقتصادي والدبلوماسي في القارة، مستفيدًا من استراتيجية تعدد الشركاء وتفعيل آليات التعاون جنوب-جنوب.
توقعات بردود فعل غاضبة وتحولات محتملة
لا يُستبعد أن تُقابل هذه الخطوة بموجة من الانتقادات في الداخل الجنوب إفريقي، خاصة من التيارات المؤيدة للبوليساريو والمتحالفة مع الجبهة منذ عقود. لكن في المقابل، يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام نقاش داخلي جديد حول مدى جدوى استمرار تبني مواقف قديمة تتناقض مع المصالح الإفريقية المشتركة في ظل المتغيرات الجيوسياسية.
يبقى موقف حزب جاكوب زوما، أكثر من مجرد تصريح سياسي؛ فهو بداية محتملة لتحول أعمق في كيفية مقاربة ملف الصحراء داخل إفريقيا. ومع تنامي الدعم الإقليمي والدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، قد تكون القارة أمام مرحلة جديدة من الواقعية السياسية التي تغلّب منطق التسويات الدائمة على صراعات الماضي.