الخرطوم | برق السودان
أثار قرار والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، القاضي بحظر نقل السلع والبضائع وكافة الأشياء عبر الحدود الغربية لولاية الخرطوم باتجاه ولايات كردفان ودارفور، موجة واسعة من الجدل والقلق، في ظل أوضاع إنسانية واقتصادية بالغة التعقيد تعيشها تلك المناطق منذ اندلاع الحرب.
وبحسب القرار الصادر بموجب أوامر الطوارئ، يبدأ سريان الحظر اعتبارًا من اليوم السبت، مع فرض عقوبات قاسية على المخالفين تشمل السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تبلغ 12 مليون جنيه سوداني، إضافة إلى مصادرة البضائع ووسيلة النقل المستخدمة. كما وجّه الوالي الجهات المختصة بوضع القرار موضع التنفيذ الفوري.
بدأ الوجه الحقيقي للحرب والجيش
يرى مراقبون أن القرار يعكس تحولًا خطيرًا في طبيعة إدارة الحرب، حيث لم تعد الإجراءات محصورة في الجوانب العسكرية والأمنية، بل امتدت لتطال خطوط الإمداد المدني والاقتصادي.
ويحذر محللون من أن استخدام قرارات الطوارئ لقطع حركة السلع بين الأقاليم يكشف ما يصفه كثيرون بـ«الوجه الحقيقي للحرب»، حيث تتحول أدوات الدولة إلى وسائل ضغط جماعي، لا تميّز بين خصم عسكري ومواطن أعزل.
ويُخشى أن يُسهم القرار في تعميق الانقسام الجغرافي والاجتماعي داخل السودان، ويعزز منطق العقاب الجماعي، خصوصًا في مناطق تعتمد بشكل شبه كامل على تدفق السلع من العاصمة ومحيطها.
ما ذنب المواطن في كردفان ودارفور؟
يطرح القرار تساؤلات أخلاقية وإنسانية ملحّة حول مصير ملايين المدنيين في كردفان ودارفور، الذين يواجهون أصلًا أوضاعًا إنسانية قاسية تشمل نقص الغذاء والدواء وارتفاع الأسعار وانهيار سلاسل الإمداد.
ويتساءل ناشطون: ما ذنب المواطن في تلك المناطق حتى يُحرم من السلع الأساسية؟ وكيف يمكن تبرير معاقبة المدنيين بذريعة الطوارئ في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدولية من مجاعة وشيكة؟
كما يُخشى أن يؤدي القرار إلى ازدهار التهريب والأسواق السوداء، ما يضاعف معاناة المواطنين ويرفع أسعار السلع إلى مستويات غير مسبوقة، ويقوّض أي رقابة حقيقية للدولة.
تمهيد لانفصال كردفان ودارفور؟
يذهب بعض المراقبين إلى أن هذا القرار لا يمكن فصله عن مسار سياسي وأمني أوسع، يرسم حدودًا غير معلنة بين «المركز» و«الأقاليم». ففرض قيود صارمة على حركة السلع قد يُفهم كخطوة تمهيدية لعزل اقتصادي وجغرافي، يُغذي مشاعر التهميش والقطيعة، ويعيد إلى الواجهة مخاوف قديمة من تفكك الدولة السودانية.
ويرى محللون أن استمرار مثل هذه السياسات قد يدفع قوى محلية وإقليمية إلى استثمار حالة الغضب الشعبي، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة، من بينها تعزيز النزعات الانفصالية أو فرض إدارات أمر واقع خارج سيطرة المركز.
خلاصة المشهد
قرار حظر نقل السلع من الخرطوم إلى كردفان ودارفور يتجاوز كونه إجراءً أمنيًا مؤقتًا، ليصبح اختبارًا حقيقيًا لالتزام السلطات بحماية المدنيين والحفاظ على وحدة البلاد. وبين منطق الطوارئ وحقوق المواطنين، يقف السودان على حافة مرحلة أكثر قتامة، قد تُدفع فيها الأقاليم ثمن حرب لم تكن خيارها.




