
الخرطوم – برق السودان
تواجه حكومة ولاية الخرطوم اتهامات خطيرة بقيادة حملة تهجير ممنهجة تستهدف المواطنين السودانيين المنحدرين من مناطق الهامش، في خطوة وصفت بأنها محاولة لإعادة تشكيل النسيج الديمغرافي للعاصمة على أسس إثنية وجهوية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة ومخاوف متصاعدة من تفجر التوترات الاجتماعية.
قرارات إخلاء وانتقائية جغرافية: استهداف الهامش بغطاء إداري
تشير تقارير ميدانية وشهادات شهود عيان إلى أن السلطات المحلية في الخرطوم بدأت بتنفيذ أوامر إخلاء جماعية في عدد من الأحياء الطرفية، خاصة تلك التي يقطنها مواطنون من دارفور، جبال النوبة، والنيل الأزرق.
وبررت الحكومة هذه العمليات بأنها تهدف إلى “إزالة التعديات والمساكن العشوائية”، لكن النمط الانتقائي في التنفيذ، وتجاهل أحياء أخرى تتبع لمجموعات قبلية وجهوية محددة، أثار اتهامات بأن الحملة ليست إلا غطاءً لإفراغ العاصمة من فئات بعينها.
وتقول مصادر محلية إن القوات الأمنية المرافقة لتنفيذ قرارات الإزالة مارست عنفًا مفرطًا، وأقدمت على هدم منازل دون إنذار مسبق، مما أدى إلى تشريد مئات الأسر التي أصبحت في العراء بلا مأوى أو تعويض.
أبعاد سياسية وإثنية: تفكيك التعدد وإعادة صياغة الخريطة السكانية
يرى مراقبون أن هذه الحملة ليست مجرد إجراء إداري، بل تعكس توجها سياسيا عميقا تسعى من خلاله الجهات المسيطرة على الخرطوم إلى فرض واقع ديمغرافي جديد يخدم مصالح فئة محددة ترتبط بالنظام السابق والحركة الإسلامية.
ويحذر ناشطون من أن هذا السلوك يعيد إنتاج سياسات الإقصاء والتهميش التي كانت من أبرز أسباب اندلاع الحروب في أطراف السودان، معتبرين أن ما يحدث في الخرطوم اليوم هو امتداد لصراع الهوية والسيطرة على المركز.
كما نددت منظمات حقوقية محلية ودولية بالانتهاكات المرتكبة بحق المهجرين، داعية إلى تحقيق مستقل وشفاف، ووقف جميع أشكال التمييز العنصري والإثني ضد السكان المنحدرين من مناطق الهامش.
مخاوف من انفجار اجتماعي ونداءات للمجتمع الدولي
في ظل تصاعد التوترات، حذر قادة مجتمع مدني ومحللون سياسيون من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي وعودة الصراع إلى قلب العاصمة.
كما دعوا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل والضغط على السلطات السودانية لوقف هذه الحملة، والعمل على حماية حقوق المواطنين في السكن، والانتماء، والمواطنة المتساوية.
ومع غياب حكومة مدنية منتخبة، وتحكم المركز من قبل نخبة عسكرية وحزبية ضيقة، تزداد المخاوف من أن تتحول العاصمة الخرطوم إلى ساحة جديدة لصراع الهويات، في بلد تتعدد فيه الإثنيات والثقافات، لكنه يفتقر إلى عقد اجتماعي عادل يحمي الجميع.
● نواصل التغطية والتحقيق في تطورات هذه القضية الخطيرة، وندعو كل من لديه معلومات أو شهادات لتوثيقها ومشاركتها عبر منصاتنا.