الأخبارتقارير

خارج القانون: السفارة السودانية في ليبيا تعتقل الناشط توباك وتثير موجة غضب حقوقي

تجاوزات السفارة السودانية.. قمع دبلوماسي خارج الأراضي

طرابلس | برق السودان

في خطوة أثارت انتقادات واسعة واعتبرت خرقًا فاضحًا للأعراف الدولية، أقدمت السفارة السودانية في العاصمة الليبية طرابلس على اعتقال الناشط السوداني محمد آدم، المعروف بـ”توباك”، المتهم في قضية قتل العميد شرطة علي بريمة، دون أمر قضائي أو توضيح قانوني رسمي، مما يكشف عن ممارسات خارجة عن نطاق مهام البعثات الدبلوماسية.

انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية التي تنظم عمل البعثات الدبلوماسية

المرصد السوداني لحقوق الإنسان 

توباك، الذي كان يُحاكم إلى جانب عدد من المتظاهرين بتهمة قتل بريمة خلال مظاهرة احتجاجية قرب القصر الجمهوري في 13 يناير 2021، فر من السجن خلال اندلاع الحرب الأخيرة التي عرقلت عمل المحاكم والسجون في السودان. وقد أعلن في تصريحات سابقة استعداده للمثول أمام القضاء بمجرد عودة الاستقرار، إلا أن اعتقاله في ليبيا شكل صدمة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني السوداني.

تجاوزات السفارة السودانية… قمع دبلوماسي خارج الأراضي

بحسب مصادر متطابقة، فإن عناصر من طاقم السفارة السودانية في طرابلس نفذوا عملية الاعتقال دون تقديم أي توضيحات، الأمر الذي وصفه المرصد السوداني لحقوق الإنسان بأنه “انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية التي تنظم عمل البعثات الدبلوماسية”.

وأكد المرصد أن دور السفارات هو حماية المواطنين السودانيين بالخارج وليس التحول إلى أدوات للقمع السياسي أو الذراع الخارجي لجهاز الأمن، مطالبًا بالإفراج الفوري عن توباك وضمان سلامته الجسدية والقانونية.

ودعا المرصد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى التدخل الفوري، بالنظر إلى احتمال أن يكون توباك في وضعية طالب لجوء أو معرض لانتهاكات جسيمة في حال تسليمه للسلطات السودانية في ظل الانهيار القضائي والمؤسسي الذي يشهده السودان منذ بداية الحرب.

وزارة العدل… صمت مريب وشراكة في الانتهاك

المثير للدهشة أن وزارة العدل السودانية لم تُصدر حتى اللحظة أي توضيح حول هذه الحادثة، وهو ما يعزز الاتهامات بأن مؤسسات الدولة تعمل في جزر معزولة ومتضاربة، وفق ما أكده نائب رئيس هيئة محامي دارفور، الصادق علي حسن.

وقال الصادق: “سبق للنيابة أن علّقت الإجراءات في هذه القضية بسبب الظروف الأمنية الاستثنائية، فكيف يُلاحق شخص أُفرج عنه قسرًا من السجن وسط الفوضى، وتُنفذ بحقه عملية اعتقال خارج نطاق القضاء؟”.

في المقابل، صرّحت سامية حسن حامد، رئيسة لجنة المرأة السودانية بمجلس تنسيق الجاليات في طرابلس، أن عملية الاعتقال تمت بطلب مباشر من السلطات السودانية، معتبرة أن توباك مطلوب في قضية جنائية كبرى، وهو ما يزيد من الضبابية ويثير التساؤلات حول شرعية الإجراءات.

ورغم هذه التطورات، تلتزم السفارة السودانية في ليبيا الصمت، ما يضاعف الغموض حول مصير توباك، ويطرح تساؤلات ملحّة حول نوايا السلطة السودانية التي يبدو أنها تُعيد تدوير أدوات القمع، حتى من داخل المقرات الدبلوماسية خارج الحدود.

حين تصبح السفارات زنازين سياسية

قضية “توباك” تتجاوز كونها قضية جنائية؛ إنها مرآة تعكس انهيار منظومة العدالة في السودان، وتحوّل مؤسسات الدولة إلى أدوات انتقام سياسي.

السفارة التي كان يُفترض أن تكون ملجأً للمواطنين، تحوّلت إلى معتقل، ووزارة العدل التي يُفترض أن تدافع عن القانون، تصمت في وجه الانتهاك.

هذه الحادثة تمثل اختبارًا حقيقيًا للمنظمات الحقوقية الدولية، وللجاليات السودانية في الخارج التي لم تعد تجد حتى في سفارات بلادها أي شعور بالأمان أو الانتماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى