
بورتسودان | برق السودان
ظهر الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، علي كرتي، في خطاب صوتي بمناسبة عيد الأضحى تحدث فيه عن المرحلة الحالية التي يمر بها السودان، وأشار إلى أن السودان تجاوز ما وصفه بـ “محنة الماضي المظلم” و”الوعود الكاذبة” و”التدخل السافر” الذي حاول فرض “أجندات الوصايا والعمالة”.
يتجاهل الخطاب دور الحركة الإسلامية في الأزمات المتراكمة منذ عهد البشير
هذا الخطاب يعكس خطاباً سياسياً تقليدياً يروج لفكرة الاستقلالية الوطنية والتخلص من التدخلات الخارجية، وهو نمط معتاد في خطاب بعض التيارات الإسلامية في السودان بعد سقوط نظام البشير، حيث يسعون إلى إعادة التموقع السياسي في ظل الأزمة المستمرة.
فيما يلي تحليل منفصلاً من فريق برق السودان لخطاب علي كرتي بشكل أعمق:
الخطاب في سياقه السياسي
هذا الخطاب يأتي في وقت يشهد فيه السودان أزمة سياسية وأمنية حادة منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وما تبعها من انهيار شبه كامل للدولة في بعض المناطق. الحركة الإسلامية، التي ينتمي إليها علي كرتي، تحاول استعادة حضورها السياسي بعد إطاحة نظام البشير في 2019 إثر ثورة شعبية.
تصريحات كرتي تعكس محاولة توظيف الأزمة الحالية لتأكيد دور الحركة الإسلامية كـ”منقذ” أو “حارس للوطنية” في مواجهة ما يسميه “التدخل الأجنبي” أو “الوصاية”.
المفردات المستخدمة
“محنة الماضي المظلم”: إشارة إلى الفترة التي أعقبت سقوط النظام (2019-2023)، حين تولت حكومة مدنية انتقلت بين شراكة مع العسكر ثم أطيحت بانقلاب (أكتوبر 2021). الخطاب يشيطن تلك المرحلة ويصورها كمرحلة ضياع وتبعية.
“الوعود الكاذبة”: يقصد بها الوعود التي قدمتها الأطراف الدولية أو بعض القوى السياسية المحلية حول تحقيق الديمقراطية والتنمية، والتي لم تتحقق.
“التدخل السافر”: تحميل المسؤولية لقوى خارجية (غربية أو إقليمية) بأنها حاولت فرض أجنداتها. هذا أسلوب خطاب مألوف في سياق مواجهة النفوذ الدولي أو الإقليمي في الشأن السوداني.
الأهداف المحتملة
1. استعادة الشرعية الشعبية: الخطاب موجه إلى جمهور الحركة الإسلامية التقليدي ليؤكد أن الحركة لا تزال فاعلة وحاضرة في المشهد السياسي.
2. شيطنة الخصوم: وصف المرحلة السابقة بأنها “محنة” و”تدخل سافر” يهدف لتجريم خصوم الحركة الإسلامية من القوى المدنية أو الجهات الخارجية.
3. إعادة بناء سردية المقاومة: يريد الخطاب إظهار الحركة الإسلامية وكأنها حامية للوطنية والاستقلال، مستفيدة من مشاعر الغضب الشعبي تجاه التدهور الأمني والاقتصادي.
ملاحظات نقدية
غياب الاعتراف بالمسؤولية: يتجاهل الخطاب دور الحركة الإسلامية في الأزمات المتراكمة منذ عهد البشير، وهو ما يضعف صدقية الخطاب في نظر شرائح واسعة من السودانيين.
استخدام لغة المؤامرة: يعزز الخطاب سردية المؤامرة الخارجية، وهو خطاب قد يلقى صدى في بعض الأوساط لكنه لا يقدم حلولاً عملية.
افتقاد الوضوح بشأن المستقبل: لا يطرح الخطاب رؤية واضحة أو برنامجاً عملياً للخروج من الأزمة الراهنة.
الخلاصة
خطاب علي كرتي، يوظف مفردات الانتصار الرمزي والسيادة الوطنية لتلميع صورة الحركة الإسلامية وإعادة إنتاج دورها في المشهد السوداني، دون أن يقدم حلولاً ملموسة للأزمة السياسية والاقتصادية العميقة. يندرج هذا الخطاب في إطار الصراع على الشرعية والذاكرة السياسية في السودان، خاصة في ظل حرب أهلية وانقسامات داخلية حادة.