برق السودان – تقرير خاص
تشكل عمليات التنقيب الغير قانوني عن الذهب والتي ينفذها أهال بطرق بدائية وتقليدية، مخاطر صحية وبيئية كبيرة في السودان، بالإضافة إلى هذا تعتبر هذه العمليات أحد أهم الأسباب التي أدت إلى هدم اقتصاد البلاد وذلك لزيادة عمليات تهريب الذهب خارج السودان والتهرب الضريبي الذي تدفع الخزينة العمومية بصفة عامة ثمنه، والشعب السوداني بصفة خاصة، لأن تدهور الإقتصاد ينعكس ويؤثر مباشرة على المواطن البسيط.
وبمقارنة الأضرار الناجمة عن عمليات التعدين الأهلي وطرق التخلص من النفايات الكيميائية نجد أن الضرر الإقتصادي أقل وطئا من الضرر الصحي والبيئي، لأنه وحسب مختصين في مكافحة آثار التعدين ومخلفاته فإن المشاكل الصحية التي تسببها السموم الكيميائية الناتجة عن عمليات التنقيب والتي يتم رميها في نهر النيل كل عام بكميات ضخمة تتمثل في خلل في الجهاز التنفسي والكلى، وفي حالات إجهاض لدى نساء وتشوهات فظيعة لدى الأجنة.
أما على المستوى البيئي فقد ورد في تقرير الدكتور محمد ود عبدالواحد، الخبير في مجال البيئة أن طرق التخلص من مخلفات التعدين قد تسببت في جفاف الأشجار وتلف الأراضي الخصبة وألحقت أضرارا كبيرة بالغطاء النباتي والمنتوجات الزراعية، كما أدت إلى موت الكثير من الأبقار والأغنام بسبب الأمراض الخطيرة التي نتجت عن هذه السموم الكيميائية.
وقد علق البروفيسور المتخصص في الكيمياء والمنسق الوطني السابق لاتفاق “ميناماتا” في وزارة البيئة أسامة سيد أحمد حسين، على استخدام السموم الكيميائية المحرمة دوليا في عمليات التنقيب قائلاً: “إن استخدام الزئبق والسيانيد في عمليات التنقيب تسبب في نفوق دواجن وحيوانات، وأثرّ على الزراعة في المنطقة، والأخطر أن الأمطار أوصلت مادة الزئبق إلى مياه نهر النيل، وبالتالي إلى الأسماك الموجودة فيه والتي يتناولها الناس، علماً أن استخدام مياه النيل قد يتسبب في أمراض سرطان الجلد، وتساقط الشعر، وتقليل خصوبة الرجال والنساء معاً، وتدمير بساتين تزرع فيها أشجار نخيل وفواكه ونباتات وبقوليات”.
ويحدد حسين، الحل في تطبيق إتفاق “ميناماتا” الدولي الخاص بمنع استخدام الزئبق نهائياً، وهو ما تعهد به السودان عام 2018، مع تحديده مهلة تمتد حتى عام 2020، لتنفيذه، الأمر الذي لم يحصل.
إن الملام الأول في هذه الكوارث الإنسانية والبيئية والإقتصادية التي تحصل في السودان بسبب هذه العمليات العشوائية للتنقيب عن الذهب والتخلص من النفايات الناتجة عنها بطرق غير قانونية، هي الحكومة السودانية بصفة عامة، وبالأخص مبارك أردول، الذي يعتبر المسؤول الأول عن الشركة السودانية للتعدين، والمكلف بمراقبة سير هذه العمليات، وهو ما لم يحصل على الإطلاق، لأن أمر الشعب السوداني لا يهمه ولا يكترث له، وعليه على الشعب السوداني أن يقف وقفة رجل واحد في وجه من تسبب في قتل أولادهم وحيواناتهم وإتلاف محاصيلهم الزراعية والضغط على الحكومة للعمل وفق معايير إنسانية دولية.