الأخبار

رويترز تفضح التزييف: فيديو «المرتزقة الكولومبيين» في الفاشر مجرد تدريب عسكري في إستونيا

حملة تضليل فاشلة: بورتسودان تتهم والإمارات تنفي ورويترز تكشف الحقيقة

بورتسودان | برق السودان 

شهدت الساحة السودانية خلال الأسابيع الماضية ضجة إعلامية بعد تداول مقطع فيديو قيل إنه يوثق قتال “مرتزقة كولومبيين” إلى جانب قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر بدعم إماراتي. غير أن خدمة تقصي الحقيقة التابعة لوكالة رويترز وضعت النقاط على الحروف، مؤكدة أن الفيديو لا يمت بصلة للصراع السوداني، بل يوثق تدريبًا عسكريًا مشتركًا جرى في إستونيا بمشاركة قوات أميركية وأوروبية.

أصل الفيديو: تدريب لا علاقة له بالسودان

أوضحت رويترز أن المقطع المتداول منشور أصلاً عبر هيئة توزيع المعلومات المرئية الدفاعية الأميركية (DVIDS) بتاريخ 29 يوليو 2025، ويتعلق بتدريب حي بالذخيرة الحية بالقرب من معسكر تابا في إستونيا.

شارك في هذه التدريبات جنود من الجيش الأميركي (الفرقة الثالثة للمشاة)، إضافة إلى قوات بريطانية وكندية وإستونية.

الفيديو يوثق إطلاق قذائف هاون ومناورات تكتيكية لتقييم الجاهزية القتالية، وهو جزء من برنامج مشترك أُقيم بين 21 و25 يوليو الماضي.

رموز واضحة.. وتزييف فاضح

يمكن بسهولة ملاحظة أن الجنود الذين ظهروا في المقطع يرتدون زياً يحمل شعار الفرقة الثالثة للمشاة الأميركية. كما أن الحوار المسموع بالإنجليزية (“مستعد، أطلق النار”) يتناقض مع المزاعم بأن المتحدثين “مرتزقة كولومبيون”.

هذا التناقض يكشف كيف جرى توظيف الفيديو بطريقة مضللة لخدمة أجندة سياسية تتهم الإمارات بالضلوع في الحرب السودانية.

رد الإمارات: مزاعم باطلة ضمن حملة ممنهجة

وزارة الخارجية الإماراتية أصدرت بيانين متتاليين (5 و29 أغسطس) نفت فيهما أي تورط في دعم جماعات مسلحة في السودان، ووصفت الاتهامات بأنها جزء من حملة سياسية ممنهجة لتهريب المسؤولية من قبل سلطة بورتسودان.

وأكدت الإمارات دعمها لاستقرار السودان وحل أزماته عبر مسارات السلام، مشيرة إلى أن “تصاعد الادعاءات الزائفة يعكس محاولة للتغطية على الفشل الداخلي”.

البعد الكولومبي.. بين الواقع والمبالغات

الملف أخذ بعدًا دوليًا حينما ناشد رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس حكومة كولومبيا – في بيان مكتوب بالإسبانية – وقف “تجنيد المرتزقة ونشرهم في السودان”.

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو تفاعل مع هذه المزاعم بتغريدة عبر منصة إكس خاطب فيها شعبه قائلاً: “لا تموتوا في صراعات بدول أجنبية”. لكن حتى الآن، لم تعلن وزارة الخارجية الكولومبية موقفًا رسميًا، فيما امتنعت الخارجية السودانية عن التعليق على استفسارات رويترز.

تكذيب رويترز يسلط الضوء على واحدة من أبرز أدوات الصراع السوداني: الحرب الإعلامية. فبينما تعاني البلاد من أزمات سياسية واقتصادية خانقة، يتم توظيف مقاطع مضللة لتصدير أزمة الشرعية إلى الخارج، وصناعة “عدو خارجي” يبرر العجز الداخلي.

قصة الفيديو ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من التضليل، لكنها تكشف عن انكشاف أوراق سلطة بورتسودان أمام الرأي العام الدولي، حيث لم يعد من السهل تمرير ادعاءات دون تحقق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى