سقوط طائرة “أنتينوف” في الفاشر: ضربة استراتيجية تهدد بقطع الإمداد عن الجيش السوداني
الدعم السريع يُحكم السيطرة الجوية حول الفاشر

الفاشر | برق السودان
في تطور خطير على مسار الصراع في مدينة الفاشر، شهدت المنطقة سقوط طائرة من طراز “أنتينوف” تابعة لسلاح الجو السوداني، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات حول قدرة الجيش السوداني على تأمين خطوطه الجوية واللوجستية في دارفور، وخاصة في ولاية شمال دارفور.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن قوات الدعم السريع قد نصبت شبكة مضادات أرضية متقدمة حول معسكر زمزم، جنوب الفاشر، يُعتقد أنها كانت السبب المباشر في إسقاط الطائرة. هذه الخطوة تعني أن الدعم السريع أصبح يمتلك هيمنة فعلية على المجال الجوي للفاشر، ما يُصعب كثيراً من مهمة الجيش في تنفيذ عمليات الإسقاط الجوي لقواته أو توفير الإمدادات.
ووفقاً لتقارير عسكرية غير رسمية، فإن سقوط الطائرة يُعد الرسالة الأوضح بأن المجال الجوي للفاشر لم يعد آمناً لطائرات الجيش، الأمر الذي قد يُجبر القيادة العسكرية على إعادة حساباتها سريعًا بشأن جدوى استمرار العمليات في المنطقة.
القوات الحكومية معزولة: خيار الانسحاب أو الاستسلام
في ظل هذه التطورات، تتزايد الضغوط على الوحدات التابعة للجيش السوداني داخل الفاشر، خاصة بعد انقطاع الطريق البري إلى نيالا، وإغلاق المجال الجوي بفعل سيطرة الدعم السريع. وتفيد التقديرات بأن القوات المحاصرة قد تواجه أزمة حادة في الإمدادات خلال الأيام القادمة، في حال لم تتمكن من الخروج أو الانسحاب.
وبينما تتوالى الخسائر العسكرية، تظهر دعوات متصاعدة من داخل الأوساط المدنية والعسكرية لدراسة خيار الانسحاب الآمن أو حتى الانضمام لقوات الدعم السريع، التي تؤكد مراراً أنها تضمن المعاملة الكريمة والإنسانية للمنسحبين، وتفتح الباب لكل من يختار الابتعاد عن “أوامر القيادة البعيدة عن الواقع”، حسب تعبير أحد قادة الدعم السريع في تصريح سابق.
هذا النوع من “الترغيب العسكري”، يرافقه ترهيب ميداني واضح من خلال العمليات الدقيقة التي تستهدف مراكز القيادة والتموين التابعة للجيش في أطراف الفاشر، ما يعزز من حالة الإرباك التي تعانيها القيادة الميدانية.
استخدام المدنيين كدروع بشرية: جرائم صامتة في زمزم
إلى جانب ذلك، تكشف مصادر من داخل الفاشر عن ممارسات مقلقة من بعض فصائل الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، والمتمركزة داخل معسكر زمزم للنازحين، حيث يتم استخدام المدنيين والنازحين كـ”دروع بشرية” لحماية التحركات العسكرية من الاستهداف المباشر.
وتشير شهادات محلية إلى أن النازحين مُنعوا من مغادرة المعسكر، كما تم توجيه بعضهم للتمركز في محيط المواقع العسكرية التابعة للحركات المسلحة، وهو ما يُعد انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي ويُعرضهم لخطر مباشر.
هذه الممارسات تُشكل وصمة إنسانية لا يمكن تبريرها، وتفتح الباب أمام مطالبات حقوقية بمحاسبة المسؤولين عنها، لاسيما مع تصاعد الضربات الجوية والبرية حول المنطقة.