تقارير

صراع القيادة والتمويل يعيد تشكيل مستقبل المؤتمر الوطني المحلول في السودان

تأسيس واجهة سياسية جديدة بديله للمؤتمر الوطني تحت مسمى “حركة المستقبل للإصلاح والتنمية”

تقرير | برق السودان 

تشهد الساحة السياسية داخل حزب المؤتمر الوطني المحلول في السودان صراعًا حادًا حول القيادة والتمويل يعكس الانقسامات العميقة التي تواجه الحزب منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019.

ورغم حل الحزب رسميًا في نوفمبر من نفس العام، إلا أن الأحداث الأخيرة تشير إلى محاولات لإعادة ترتيب أوضاعه الداخلية في ظل تجاذبات حادة بين أجنحته المختلفة.

تأسيس واجهة سياسية جديدة بديله للمؤتمر الوطني تحت مسمى “حركة المستقبل للإصلاح والتنمية”

أعلن مجلس شورى الحزب، برئاسة عثمان كبر، عن تعيين أحمد هارون رئيسًا للحزب خلفًا لإبراهيم محمود، وهو قرار أثار جدلًا واسعًا داخل الحزب. قوبل هذا الإعلان برفض مجموعة المكتب القيادي التي يقودها إبراهيم محمود حامد وعدد من الشخصيات البارزة مثل السميح الصديق والحاج آدم. واعتبرت هذه المجموعة أن القرارات الصادرة عن مجلس الشورى “باطلة”، مما يعكس حالة الاستقطاب الحاد التي يشهدها الحزب.

في جانب آخر، ظهرت اتهامات موجهة لعلي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية، بحجب الموارد المالية عن الحزب منذ سقوط نظام البشير، وتوجيه هذه الموارد لدعم تشكيل هياكل موازية تحت اسم “المنظومة”. وتشير التسريبات إلى أن “المنظومة” تضم شخصيات من المؤتمر الوطني وأحزابًا أخرى، مثل المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن، وهو ما يعكس محاولة لإعادة صياغة الحزب تحت واجهات جديدة قد تغير معالمه التقليدية.

من جانب آخر، يحظى أحمد هارون بدعم من شخصيات بارزة مثل أسامة عبد الله، وعلي كرتي، بالإضافة إلى تأييد واضح من عمر البشير من داخل محبسه. هذا الدعم يتناقض مع موقف شخصيات أخرى مثل نافع علي نافع وإبراهيم غندور، اللذين فضلا الوقوف على الحياد. ويبدو أن هذه التحركات تشير إلى احتمالية تصعيد الخلافات بين الأجنحة المختلفة داخل الحزب، حيث تتوقع بعض المصادر أن تتجه الأمور نحو فصل مجموعة المكتب القيادي بزعامة إبراهيم محمود.

إبراهيم محمود
إبراهيم محمود – رئيس حزب المؤتمر الوطني «المحلول»

تشير التحركات أيضًا إلى نوايا علي كرتي وأنصاره للتخلص من تركة المؤتمر الوطني القديمة والعمل على تأسيس واجهة سياسية جديدة تحت مسمى “حركة المستقبل للإصلاح والتنمية”. هذا التوجه قد يشكل نقطة تحول في مسار الحزب، في ظل سعي بعض الأطراف للحفاظ على إرث المؤتمر الوطني، بينما تسعى أخرى إلى تجديد هويته بالكامل.

تواجه القيادة الجديدة تحديات إضافية ترتبط بالوضع القانوني لبعض الشخصيات البارزة، إذ إن أحمد هارون مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب في دارفور، بينما يواجه علي كرتي ملاحقات قانونية محلية. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مستقبل الحزب وإمكانية استمرارية قيادته في ظل هذه الظروف المعقدة.

تظل التطورات داخل حزب المؤتمر الوطني المحلول تعبيرًا عن صراع سياسي معقد يتجاوز مسألة القيادة ليشمل التمويل، التحالفات، والمستقبل التنظيمي للحزب. وبينما تسعى بعض الأطراف إلى إعادة تشكيل الحزب تحت هياكل جديدة، يظل مستقبل المؤتمر الوطني مرهونًا بقدرته على تجاوز هذه الانقسامات العميقة وصياغة رؤية موحدة تتماشى مع الواقع السياسي الجديد في السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى