
بورتسودان | برق السودان
في لحظة بدت كأنها مجرّد تصعيد عسكري جديد في الصراع السوداني، شكّلت الضربة الجوية التي استهدفت مطار بورتسودان وقاعدة عثمان دقنة العسكرية حدثاً مفصلياً، لم يكن في حسبان من خطّط ونفّذ وأشرف على عمليات الإمداد والتدريب والتأهيل في تلك المواقع.
فما بين سقوط عشرات الخبراء وتدمير شحنات الأسلحة المتطورة، وهروب مفاجئ لقيادات محسوبة على الحركة الإسلامية، بدا المشهد وكأنه عملية “كسر عمود الفقري” لتحالفات كانت تُدار في الظل.
استهداف مدروس.. وتفوق استخباراتي غير متوقّع
المعلومات الواردة من مصادر عسكرية مطلعة أكدت أن الطائرات المسيّرة نفذت ضربات دقيقة على مواقع بالغة الحساسية داخل مطار بورتسودان العسكري وقاعدة دقنة، استهدفت بشكل مباشر غرف العمليات التي كان يقيم فيها عشرات الخبراء الأجانب ممن استقدمهم الجيش لتدريب عناصره وكتائب الحركة الإسلامية.
ولم يكن اللافت في الضربة هو دقّتها فقط، بل التوقيت وحجم المعلومات المتوفرة لدى الجهة المنفذة، مما أثار شكوكاً كبيرة حتى في أوساط ضباط داخل القوات المسلحة. عدد من الخبراء اعتبروا أن تنفيذ هكذا ضربة لا يمكن أن يتم إلا بعد اختراق استخباراتي كبير داخل تلك المنشآت.

الحركة الإسلامية تهرب.. والبرهان يصمت
رغم حجم الكارثة، لم تصدر من سلطة بورتسودان أو القيادة العامة للقوات المسلحة أي بيانات رسمية تعلن تفاصيل ما جرى أو حتى تُقدم رواية موثوقة.
اللافت أكثر هو الهروب العلني لقيادات من الحركة الإسلامية من المدينة بعد الضربة، وغياب البرهان، عن المشهد رغم أن الضربة استهدفت غرفًا يُقال إنها كانت مرتبطة بخططه العسكرية وأدوات سيطرته.
أوساط متابعة اعتبرت أن ما جرى يؤشر إلى انهيار العلاقة بين الجيش والجماعة الإسلامية، وربما يعكس خيانة صامتة من أحد الطرفين للآخر. كما أن الصمت الإعلامي الرسمي عكس صدمة غير متوقعة وضياع للخطاب الموحد.
نتائج الضربة وتداعياتها المستقبلية
• سقوط الخبراء: مقتل عشرات الخبراء الذين كانوا يشكلون العمود الفني لعمليات التأهيل والتدريب.
• تدمير العتاد: احتراق شحنات أسلحة دقيقة ومتطورة يُعتقد أنها وصلت مؤخراً من مصادر خارجية.
• انهيار الثقة داخل المعسكر: اتهامات متبادلة بالخيانة داخل المعسكر الداعم للجيش.
• تشكيك في قدرات “الدعم السريع”: رغم أن الجيش وجّه الاتهام للخصم التقليدي، فإن كثيرين شككوا في امتلاك الدعم السريع هذه التقنية العالية والدقة الميدانية.
الضربة على مطار بورتسودان لم تكن مجرد حادثة عسكرية عابرة، بل زلزال سياسي وعسكري كشف المستور، وضرب الحلف غير المعلن بين الجيش والحركة الإسلامية. في ظل غياب الرد الرسمي واستمرار حالة التململ داخل السلطة، تبقى الأسئلة مفتوحة: من سلّم الإحداثيات؟ ولماذا لم يرد البرهان؟ والأهم، من سيملأ الفراغ بعد سقوط غرفة العمليات؟