الأخبار

كامل إدريس يصدر قرارًا مثيرًا للجدل يثير سخط الشارع السوداني

في ظل الدمار والاقتتال.. هل يُعقل ربط مناطق الإنتاج بالطرق القومية؟

بورتسودان | برق السودان 

في خطوة أثارت موجة من الاستهجان والانتقادات، أصدر رئيس الوزراء الانتقالي، كامل إدريس، قرارًا يقضي “بالربط العاجل لمناطق الإنتاج بالطرق القومية” لتيسير حركة التجارة في جميع ولايات السودان. هذا القرار، الذي يبدو في ظاهره تنمويًا، قوبل برفض واسع واعتبره الكثيرون دليلاً إضافيًا على استخفاف الحكومة الانتقالية بمعاناة المواطنين في ظل الحرب المستعرة منذ أكثر من عام.

هذه القرارات تأتي في سياق محاولة الحكومة لإظهار نفسها كفاعل سياسي وتنموي في وقت تتهاوى فيه مؤسسات الدولة ويبحث فيه السودانيون عن الطعام والدواء والأمان

مراقبون

استخفاف بعقول السودانيين وسط ركام الحرب

القرار الصادر من رئيس الوزراء أثار موجة غضب في الشارع السوداني، حيث اعتبره مواطنون ومراقبون “مزحة ثقيلة” في بلد تنهشه الحرب، وتتهدم فيه البنية التحتية أمام أعين الجميع.

فمن أي طرق يتحدث عنها إدريس؟ وأين هي تلك “مناطق الإنتاج” التي لم تصلها قذائف الحرب بعد؟

في الوقت الذي تنقطع فيه الطرق بين الخرطوم ومدنها، وتُقصف الأسواق، وتُغلق المعابر الحدودية، يأتي قرار يطالب بـ”ربط مناطق الإنتاج بالطرق القومية”، وكأن الدولة تعيش حالة من الاستقرار والنمو الطبيعي.

وفي تصريح لأحد النشطاء، قال: “هذا القرار ليس سوى حبر على ورق، ويفضح غياب القيادة الحقيقية عن مشهد الأزمة. كيف تطلب من الجهات المختصة تنفيذ مشاريع تنموية في بلد يئن تحت الحصار والدمار؟”

هذا القرار ليس سوى حبر على ورق ويفضح غياب القيادة الحقيقية عن مشهد الأزمة. كيف تطلب من الجهات المختصة تنفيذ مشاريع تنموية في بلد يئن تحت الحصار والدمار؟

الواقع: انهيار الخدمات، لا طرق للتجارة ولا أمن للمزارعين

تعاني معظم مناطق السودان من انهيار شبه تام في الخدمات الأساسية، ناهيك عن ضعف القدرة على التنقل بسبب تدمير الجسور، واحتلال الطرق من قبل الجماعات المسلحة، وغياب أي حماية أمنية. في هذا السياق، لا يُمكن الحديث عن “تيسير حركة التجارة” إلا باعتباره أمنية بعيدة عن الواقع.

الطرق القومية، التي يتحدث عنها القرار، أصبحت إما مقطوعة أو محفوفة بالمخاطر، والعديد من مناطق الإنتاج الزراعي أصبحت ساحات معارك، أو مهجورة بفعل النزوح الجماعي. فهل يُمكن الربط في ظل هذا الانفصال الواقعي عن الأرض والناس؟

محاولة لتجميل المشهد.. أم هروب إلى الأمام؟

يرى مراقبون أن هذه القرارات تأتي في سياق محاولة الحكومة لإظهار نفسها كفاعل سياسي وتنموي، في وقت تتهاوى فيه مؤسسات الدولة، ويبحث فيه السودانيون عن الطعام والدواء والأمان.

القرار، في جوهره، يعكس انقطاع النخبة السياسية عن نبض الشارع، وسعيها لتغطية العجز بفكرة تنموية لا يمكن تنفيذها إلا بعد وقف إطلاق النار وبناء الدولة من جديد.

قرار ربط مناطق الإنتاج بالطرق القومية في ظل حرب أهلية مدمرة، ليس فقط غير واقعي، بل مستفز. وهو يكشف عن غياب الخطة، وانفصال القيادة السياسية عن معاناة المواطن الذي بات يبحث عن النجاة، لا عن الأسفلت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى