كورونا.. ارتفاع إصابات “كوفيد-19” بمتحور NB.1.8.1.. هل نواجه موجة جديدة؟
هل نحن أمام موجة جديدة من الجائحة؟

بورتسودان | برق السودان
تشهد عدة دول حول العالم عودة تدريجية للقلق من جائحة “كوفيد-19” مع رصد متحور جديد يحمل الاسم العلمي NB.1.8.1، وهو أحد أفراد عائلة “أوميكرون” الفرعية التي لطالما تميزت بسرعة الانتشار والتغير الجيني.
هذا المتحور الذي أطلق عليه بعض الخبراء لقب “نيمبوس”، بدأ ظهوره في يناير 2025، وسرعان ما انتقل عبر القارات، مثيراً اهتمام المؤسسات الصحية والعلمية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية التي صنفته رسمياً ضمن “المتحورات تحت المراقبة”.
يرى خبراء الفيروسات أن ظهور متحورات جديدة هو جزء طبيعي من تطور الفيروسات ولا يُعد مؤشراً على عودة الجائحة إلى نقطة الصفر
انتشار متسارع في آسيا وأمريكا الشمالية
بحسب تقارير “الشبكة العالمية للفيروسات”، تم توثيق إصابات مؤكدة بـ”نيمبوس” في 22 دولة حتى الآن، مع بؤر تفشٍّ نشطة في الهند وتايوان والولايات المتحدة.
•في الهند، تجاوز عدد الإصابات النشطة حاجز 4300 حالة، مع تسجيل مئات الإصابات الجديدة يومياً.
•أما في تايوان، فقد ارتفعت نسبة مراجعي المستشفيات بسبب أعراض “كوفيد-19” بنسبة 78% خلال أسبوع واحد.
•في الولايات المتحدة، بدأت تظهر بؤر إصابة متفرقة في عدة ولايات، وإن بقيت الأعداد دون مستويات الإنذار حتى الآن.
وتُرجّح هذه الأرقام أن المتحور الجديد بات يشكّل نحو 10.7% من العينات الجينية المقدمة عالمياً، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية.
ما الذي يميز متحور “نيمبوس” عن سابقيه؟
من الناحية البيولوجية، يحمل “نيمبوس” طفرات جديدة في بروتين سبايك (Spike)، تمنحه قدرة محسّنة على الالتصاق بمستقبلات ACE2 البشرية، وهو ما قد يفسر سرعة انتقاله بين البشر.
لكن في المقابل، لا تظهر الطفرات حتى الآن تأثيراً كبيراً على فاعلية الأجسام المضادة الناتجة عن التطعيم أو العدوى السابقة، ما يطمئن نسبياً من ناحية الحماية المناعية المكتسبة.
كما تؤكد الدراسات المخبرية أن الأدوية المضادة للفيروسات مثل باكسلوفيد ورمديسيفير لا تزال فعّالة في مواجهة هذا المتحور.
الأعراض السريرية: لا جديد يثير القلق حتى الآن
تتراوح أعراض المصابين بـ”نيمبوس” بين:
•التهاب حاد في الحلق
•إرهاق عام
•سعال خفيف
•حمى وآلام عضلية
•احتقان الأنف
•أعراض هضمية (غثيان وإسهال) لدى نسبة من المصابين
ورغم أن هذه الأعراض تشبه ما تم رصده في موجات “أوميكرون” السابقة، فإن تزايد عدد الحالات يستوجب المراقبة، خصوصاً مع دخول العالم موسم الخريف والشتاء الذي يُعد بيئة خصبة لانتشار الفيروسات التنفسية.
هل نحن أمام موجة جديدة من الجائحة؟
حتى الآن، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الخطر الإضافي لهذا المتحور على الصحة العالمية لا يزال منخفضاً، لكنها تحذر من التراخي في مراقبة تطوره وانتشاره.
القلق الأكبر يكمن في تراجع الفحوصات والمراقبة الجينية في العديد من الدول، ما قد يؤدي إلى رصد متأخر لأي طفرة تزيد من خطورة المتحور أو تقلل من فعالية اللقاحات الحالية.
التوصيات الدولية: اللقاحات لا تزال خط الدفاع الأول
أوصت الشبكة العالمية للفيروسات والعديد من الهيئات الصحية الإقليمية والدولية بما يلي:
•تلقي الجرعات المعززة المحدثة، خاصة لكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
•الحرص على تطعيم الأطفال، لما له من دور في تقليل المضاعفات كمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة.
•تشجيع الحوامل على تلقي اللقاح، إذ ثبت علمياً أن الأجسام المضادة تنتقل إلى الجنين وتوفر حماية لحديثي الولادة تصل إلى 6 أشهر.
متحورات “كوفيد-19”.. هل ستنتهي يوماً؟
يرى خبراء الفيروسات أن ظهور متحورات جديدة هو جزء طبيعي من تطور الفيروسات، ولا يُعد مؤشراً على عودة الجائحة إلى نقطة الصفر.
لكنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن الاستجابة المجتمعية والعلمية السريعة هي العامل الحاسم في منع المتحورات من التحول إلى أزمات صحية عالمية كبرى، كما حدث في عامي 2020 و2021.
لا ذعر.. لكن لا استهانة أيضاً
“نيمبوس” ليس أول متحور جديد يظهر، ولن يكون الأخير. ومع أن المؤشرات الحالية لا تدعو للذعر، إلا أن تكرار رسائل التوعية، وتحديث أنظمة الرصد والتطعيم، ورفع الجاهزية الصحية بات ضرورياً لتفادي مفاجآت غير مرغوبة في الشتاء القادم.