لماذا أقدم أردوغان على هذه الخطوة الآن؟
يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، محاولات إنقاذ صورته بسبب دوره في تأزيم المشهد الاقتصادي التركي.
وقام “أردوغان” في اليومين الماضيين بإجراء تعديلات في مجموعته الاقتصادية التي شهدت مغادرة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي؛ حيث التقى بأعضاء جمعية المستثمرين الدوليين
وكالمسامير التي تُدَق في كرسي حكم “أردوغان”، أقدَمَ “أردوغان” على إقالة محافظ البنك المركزي التركي مراد أويصال، وقام بتعيين وزير المالية السابق، ناجي أغبال، بدلًا منه على رأس البنك المركزي.
وبعدها بيوم واحد، قدم وزير المالية صهر أردوغان، بيرات ألبيرق، استقالته عبر منصة انستغرام، معللًا الاستقالة بأنها لـ”أسباب صحية”؛ لكن السبب الحقيقي هو قيام “أردوغان” بتعيين ناجي أغبال في منصب محافظ البنك؛ الأمر الذي لم يَرُق لـ”ألبيرق”، وهو ما دفعه لتقديم استقالة، حسبما أكد المحلل السياسي التركي تورغوت أوغلو .
وخَلَفًا لـ”ألبيرق”، الذي تَسَلّم منصب وزير المالية في يوليو 2018، عَيّن “أردوغان” لطفي علوان على الوزارة، وهو أحد قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وقال مدير القطاع السيادي والقطاع العام في وكالة التصنيف المالي “سكوب” Scope Ratings، دينيس شين: إن التغييرات في قيادة البنك المركزي توضّح مرة أخرى افتقار البلاد إلى سياسة نقدية مستقلة.
ولفت “شين”، في تصريحات صحفية، إلى أن عدم الاستقرار المالي ميّز بشكل خاص الفترة التي أعقبت حصول أردوغان على سلطات الحكم النقدي في الإصلاح الدستوري لعام 2018.
لماذا أقدم أردوغان على هذه الخطوة الآن؟
وحول إقدام الرئيس التركي على هذه الخطوة الآن، قال تورغوت أغلو لـ”سكاي نيوز عربية”: إن “حزب العدالة والتنمية عندما وصل إلى الحكم في تركيا في عام 2002، كان بسبب الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في بداية الألفية، وهو يعلم جيدًا الوضع الحالي، بعد 18 عامًا من حزبه عادت الأمور كما كانت”.
وأضاف أن أردوغان “يريد الإيحاء للشعب بأنه يعمل على تغيير المجموعة المالية التي تسببت في الوصول لهذا الحد؛ فقام بعزل محافظ البنك المركزي مراد أويصال، وأتى بوزير المالية السابق ناجي أغبال؛ لكن المحافظ الجديد ليس بالرجل القوي الذي يستطيع إنقاذ الوضع الاقتصادي المتدهور؛ ولكن أردوغان أتى به لأنه شخص ضعيف سينفذ تعليماته”.
دعوة للرحيل
ويرى الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، مدحت سنقار، أن استقالة ألبيرق وإقالة محافظ البنك المركزي، ليست مجرد مشكلة استياء وغضب؛ فهناك مشكلة أعمق بكثير في الوسط السياسي، وهي حقيقة إفلاس النظام وانهياره.
وأضاف “سنقار”: “ما يسمونه نظام الحكومة الرئاسية بالطبع كما يطلق عليه؛ هو في الحقيقة نظام غريب، هذا النظام معطل، وبما أن هذا النظام معطل فلا يمكن التخلص منه بتحميل المسؤولية لشخص واحد فقط من القمة العليا من هذا النظام ليكون المسؤول الرئيسي، المسؤولية الرئيسية هي النظام نفسه. ولهذا السبب نقول إن استقالة وزير المالية والاقتصاد فقط لا تكفي”؛ داعيًا الرئيس أردوغان وحكومة إلى الاستقالة وحل البرلمان، والذهاب نحو انتخابات مبكرة”.
محاولة هرب
ويقول تورغوت أوغلو: إن “أردوغان يحاول إنقاذ نفسه بإجراء تغييرات المجموعة الاقتصادية”، مضيفًا أن الرئيس التركي “رجل براغماتي، مستعد للتضحية بأي شخص في سبيل حماية نفسه؛ فهو مستعد للتضحية ليس بصهره فقط، بل يتخلى عن ابنه أو بنته أو زوجته في سبيل بقائه في السلطة، ولا أستبعد الذهاب نحو تعديلات وزارية أخرى خاصة بعد فوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات الأميركية، وخشيته من فرض عقوبات على تركيا بسبب منظومة إس 400 الدفاعية الروسية”.
أما زعيم المعارضة التركية، كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، فقال “إن مسؤولية الاقتصاد تقع على عاتق الرئيس كما صرح سابقًا.. إنه المسؤول عن الاقتصاد، فإذا كانت هناك مشكلة أو أزمة؛ فإن مَن يجب عليهم إدارة هذه الأزمة، لا يمكنهم إدارتها، لكن الشيء الغريب هو أن أولئك الذين لا يستطيعون إدارة أزمة بسيطة هم من يديرون الدولة”.
وتابع كليجدار أوغلو، في تصريحات صحفية: “هناك جملة واحدة ستُقال.. لن تستطيع التضحية بالوزير لإنقاذ الملك”، وأردوغان لا يمكنه أن يحمّل بيرات ألبيرق المسؤولية لينقذ نفسه”.
وحول المسؤولين الجدد، يقول تورغوت أوغلو، لـ”سكاي نيوز عربية”: إن “الشخصيات الجديدة التي عيّنها ليست بالجديدة، فهي وجوه قديمة من حزب العدالة والتنمية، ومحافظ البنك المركزي الجديد ناجي أغبال سَبَق له تولي وزارة المالية، ولم يحقق أي شيء، ولكن أردوغان لا يستطيع اختيار كفاءات من خارج الحزب، لأنه لو أتى شخص مستقل لرئاسة البنك المركزي سيعرف كل عمليات الفساد التي تدور فيه، وهو أمر لا يرضى به أردوغان، ولذلك يختار أشخاصًا محدودي الكفاءة من داخل الحزب”.