لوبي بـ40 ألف دولار شهريًا: عقد جديد يكشف رهانات «سلطة بورتسودان» في واشنطن
أبعاد سياسية وأيديولوجية: من يخدم العقد بالفعل؟

الخرطوم | برق السودان
في خطوة مثيرة للجدل، كشفت وثائق FARA الأمريكية عن توقيع سفارة السودان في واشنطن عقدًا مع شركة الضغط السياسي The Vogel Group، بقيمة 40 ألف دولار شهريًا، لتقديم خدمات لوبي وعلاقات حكومية بدءًا من 5 يونيو وحتى 31 ديسمبر 2025. العقد، الذي وقّع عنه المستشار أبشر أحمد خضر محمد ممثلًا للسفارة في 14 يوليو، يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول دوافع «سلطة بورتسودان» للاستعانة بلوبي أمريكي الآن، ومن المستفيد فعليًا من هذا التعاقد داخل شبكة النفوذ المرتبطة بالإسلاميين.
تفاصيل العقد: أموال ضخمة مقابل “خدمات إنسانية ودبلوماسية”
تنصّ الوثيقة على أن فريق اللوبي يتكوّن من أسماء بارزة داخل الشركة مثل: أليكس فوغل، مات كيلين، علي خِمجي، أندرو نهرينغ، وتوني كارول، مع التزام مباشر بتقديم خدمات مرتبطة بملفات إنسانية وخارجية، حسب نص العقد. كما تضمن الاتفاق بنودًا صارمة تتعلق بالسرية وملكية المخرجات لصالح السفارة السودانية.
هذا العقد لا يقتصر على مجرد استشارات، بل يمنح اللوبي الحق في الانخراط المباشر مع أعضاء الكونغرس والإدارة الأمريكية، في وقت يشهد الكونغرس نقاشات حادة حول السودان، من بينها تشريعات تخص العقوبات، تصنيف الإسلاميين، والرقابة على المساعدات.
أبعاد سياسية وأيديولوجية: من يخدم العقد بالفعل؟
مع انتقال مركز السلطة إلى بورتسودان عقب اندلاع الحرب، باتت شرعية معسكر الجيش في حاجة إلى دعم خارجي، خصوصًا في واشنطن التي تملك أدوات ضغط عبر العقوبات والقرارات البرلمانية. التعاقد مع شركة لوبي أمريكية يتيح للسلطة:
• تثبيت رواية رسمية تصوّر تحركاتها كجهود إنسانية ودبلوماسية، بعيدًا عن ملف الانتهاكات الميدانية.
• تحييد الضغوط داخل الكونغرس عبر بناء علاقات مع مكاتب مؤثرة، لتقليل احتمالية صدور قرارات إدانة أو فرض قيود تسليح جديدة.
• إدارة السمعة في لحظة حرجة من الحرب، عبر قنوات ضغط احترافية بدلاً من المواجهة الإعلامية المباشرة.
لكن البعد الأخطر يتعلّق بارتباط التعاقد بشبكات النفوذ الإسلامية داخل السلطة. تقارير بحثية أمريكية حديثة تشير إلى عودة نفوذ الإخوان في هياكل الجيش والقرار السياسي. هذا يجعل من اللوبي الأمريكي أداة محتملة لإجهاض أي مساعٍ تشريعية في واشنطن لتصنيف الحركة الإسلامية أو محاصرة نفوذها، وهو ما يفسّر توقيت التعاقد وحجم الإنفاق.
المعطيات الموثّقة تثبت أن «سلطة بورتسودان» اشترت قدرة ضغط داخل واشنطن مقابل 40 ألف دولار شهريًا، تحت لافتة “الإنساني والخارجي”.
لكن التحليل يشير إلى أن الفوائد لا تقتصر على تحسين صورة السلطة فحسب، بل تمتد إلى حماية شبكات الإسلاميين من أي تحركات أمريكية معاكسة.
ويبقى السؤال: هل ستظهر تقارير FARA اللاحقة (التي تسجّل اتصالات اللوبي مع الكونغرس والإدارة) حقيقة الجهات المستهدفة والرسائل المروّجة؟ ذلك سيكون المؤشر الأوضح على الأجندة الحقيقية وراء هذا التعاقد المكلف.