الأخبارتقارير

“مصارحة” أم “قلة حيلة”؟.. تصريحات السيسي حول “مساعدات الأشقاء” تثير الجدل

الخرطوم | برق السودان

“حتى الأشقاء والأصدقاء أصبحت لديهم قناعة بأن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى وأن الدعم والمساندة عبر السنوات شكل ثقافة الاعتماد عليها لحل الأزمات والمشاكل”، تصريحات صدرت عن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال انطلاق المؤتمر الاقتصادي، الأحد، ما أثار الكثير من الجدل حول ما يعنيه.

وأضاف السيسي “الناس (الدول الشقيقة) ساعدت (مصر) كثيرا جدا، بقالها سنين بتساعد وأنت مساعدتش (لم تساعد) نفسك، عمرك أبدا ما عودك هيصلب وتقف”.

وقال الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، مستشار وزير التموين والتجارة في مصر، مدحت نافع، في حديثه مع موقع “الحرة” إن الرئيس عرض ذلك من باب “المصارحة والمكاشفة”، وأنه أقر بأن المعاناة القادمة ستكون أكبر مما سبق.

وأوضح أن “معنى حديث الرئيس أنه يجب علينا أن نتحمل مسؤوليتنا بأنفسنا، وأنه لا يصح لدولة كبيرة بحجم مصر أن تتكل على المساعدات طوال الوقت، وهذا شيء منطقي خاصة في ظل الأزمات التي يمر بها كل العالم”.

وأضاف أن “أزمة مثل التي نعيشها الآن، كل العالم يعاني من مشاكلها، وعلينا ألا نتوقع أبدا أن الدول الأخرى وهي تنظر لوضعها ستتفرغ لنا لمساعدتنا أو تحقق لنا الطفرة الاستثمارية أو الاقتصادية التي ننصب إليها”.

وكان السيسي قد قال في الثامن من سبتمبر الماضي: “لابد أن ننتبه إلى التفاصيل، اتعمل (قُدِّم) دعم لمصر من الأشقاء في الخليج من المشتقات البترولية والأموال السائلة، لو لم تكن هذه الأموال وهذا الدعم موجودا، لم تكن الدولة المصرية استطاعت الاستمرار، لو تركونا لم نكن سنجد البنزين في محطات الوقود، اتحطت (وُضعت) أرقام (مساعدات) من السعودية والإمارات والكويت، ومن لا يعترف بفضلهم ليس جيدا”.

وأضاف حينها “ماذا لو لم تدعمنا هذه الدول، هل ستتحملون أيها المصريون؟ ألستم من تحركتم؟ إذا عليكم أن تتحملوا. أكثر من 18 شهرا، المشتقات البترولية كانت تأتي إلينا بدون مقابل”، مضيفا أنه يفصح عن هذه الأمور “لأننا جميعا مع بعض مسؤولون عن مصر”.

من جانبه، يرى الباحث والناشط المقيم في الخارج، تقادم الخطيب، في حديث مع موقع “الحرة” أن حديث السيسي عبارة عن “قلة حيلة” حيث تأتي في وضع متأزم اقتصاديا جدا في مصر، ربما أدرك النظام الآن هذه المسألة. وبعد أن كانت تتدفق فيه المساعدات، باتت مصر الآن بدون مساعدات وفي أزمة عالمية عميقة تعاني منها البلاد”.

لكن نافع يقول لموقع “الحرة” إنه “في إطار الخطة الموجودة، لا تزال هناك استثمارات خليجية مجدولة وقروض منتظرة وودائع، هناك اتفاقات وارتباطات في هذا الشأن، حديث الرئيس يمكن أن يكون حول ما بعد هذه الاتفاقيات وأن المساعدات لن تكون بنفس المستوى الذي اعتدنا عليه”.

وذكرت بلومبيرغ، في أغسطس الماضي، أن مصر تسعى لجمع 41 مليار دولار لسداد عجز الحساب الجاري والديون المستحقة بنهاية 2023.

كما حصلت مصر على تمويل من دول الخليج، حيث تعهدت السعودية والإمارات وقطر بأكثر من 22 مليار دولار من الودائع والاستثمارات في اقتصاد البلاد المتعثر.

ووفقا للحكومة المصرية فقد تأثر الاقتصاد المصري بفعل تداعيات الحرب على أوكرانيا، إذ تستورد مصر أكثر من 42 في المئة من الحبوب التي تحتاجها من روسيا وأوكرانيا، كما ان 31 في المئة من القطاع السياحي المصري يعتمد على مواطني الدولتين.

وبحسب ما ذكرته صحيفة “البورصة” المصرية، الشهر الماضي، فإن عام 2026، سيشهد سداد وديعة سعودية بقيمة 5.3 مليار دولار، وخلال السنوات من 2022 وحتى 2026 ستدفع مصر فوائد عليها بقيمة 1.28 مليار دولار.

وتسدد مصر وديعة الإمارات على شرائح صغيرة كان من المفترض أن تبدأ بـ667 مليون دولار في النصف الأول من 2022، ونحو 664 مليون دولار في النصف الثاني منه، وفي 2023، يتعين سداد 1.667 مليار دولار، وفي 2024 مليار دولار وفي 2025 نحو 333 مليون دولار وفي 2026 نحو 1.333 مليون دولار، وفقا للصحيفة ذاتها.

لكن الخطيب يقول إن “مقابل هذه القروض، الخليج يحصل على أصول حكومية مصرية بأبخس الأثمان”.

في المقابل، يصفها نافع بأنها “تدفقات مالية من خلال استثمارات بدلا من أن تأتي في شكل قروض ومساعدات”، معتبرا أن الاستثمارات أفضل من هذا النوع من التحويلات، لأنها تخلق فرص عمل وأكثر استدامة واستقرارا.

كما استبعد نافع أن تكون هناك أي حالة من أنواع “البيع الرخيص” لأصول حكومية.

ويرى الخطيب أن “القرض الوحيد تقريبا الذي يمكن تمديده هو صندوق النقد الدولي، مضيفا أن معظم الديون التي اقترضتها مصر هي من مؤسسات خاصة لن تسمح للتمديد أو إعادة جدولة”.

واعتبر نافع أن هناك خطوات اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا مثل “تغيير محافظ البنك المركزي ورئيس الرقابة المالية”، معتبرا أنها “ضرورية رغم أنها غير كافية، لكنها ربما تكون بداية في تغيير الأفكار والتعامل مع الأسواق، وعودة الدور التنموي للرقابة المالية بعد ما كان دورها رقابيا فقط وخصومة مع المستثمرين، كما أنها بداية لانتهاء الخصومة بين البنك المركزي وأطراف السوق وبدء التفكير في منتجات مالية مختلفة وأدوات للتحوط ضد تقلبات سعر الصرف وخلافه”، واصفا ذلك بأنها “خطوات إيجابية”.

لكن الخطيب يرى أن حديث السيسي والإجراءات المتخذة عبارة عن “استثمار للوقت فقط، وأنه ليس أمام الرئيس أي شيء للخروج من الأزمة الاقتصادية، هو يشتري الوقت حتى يرى ما سيحدث في 11 نوفمبر”.

وتصاعد الحديث خلال الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي عما يسمى بدعوات لخروج المصريين إلى الشوارع، في 11 نوفمبر، احتجاجا على تردي الوضاع الاقتصادية والسياسية.

اقرأ ايضاً :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى