
ود مدني | برق السودان – تقرير خاص
في حادثة جديدة تفضح الانتهاكات الممنهجة التي تُرتكب في المناطق التي تسيطر عليها القوات النظامية، أكدت مصادر محلية بمدينة ود مدني مقتل المواطن نيازي صالح، بعد اعتقاله من قبل الجيش السوداني والخلية الأمنية، دون توجيه تهم أو مثوله أمام أي جهة قضائية.
الجريمة، التي وُصفت بأنها “قتل متعمد تحت التعذيب أو الإهمال”، فجّرت موجة غضب واستنكار شعبي، وسط دعوات لمحاسبة المسؤولين وإنهاء الإفلات من العقاب.
سلسلة متصاعدة من الانتهاكات التي ترتكبها القوات النظامية في المناطق التي تعيد السيطرة عليها
اعتقال تعسفي وموت غامض وسط تكتم أمني
ذكرت المصادر أن قوات الجيش والخلية الأمنية قامت باعتقال نيازي صالح، قبل أيام من مقتله، بعد دخولها إلى ود مدني في الأيام الماضية في إطار العمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة. ولم تُوجَّه له أي تهم رسمية، كما مُنعت عائلته من زيارته أو حتى معرفة مكان احتجازه. وبدلاً من الإعلان عن تفاصيل قضيته أو إحالته إلى محاكمة، تفاجأت الأسرة يوم أمس بتسليمها جثمانه دون أي تفسير أو تقرير طبي رسمي، في مؤشر مقلق على تعرّضه للتعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد.
أسرة الفقيد حمّلت الجيش والخلية الأمنية كامل المسؤولية، وأكدت أن ما حدث “ليس مجرد حالة وفاة تحت الاعتقال، بل جريمة قتل مكتملة الأركان”، مطالبة بفتح تحقيق دولي ومحلي عاجل في القضية.
جرائم ممنهجة وتدهور مريع لحقوق الإنسان
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة متصاعدة من الانتهاكات التي ترتكبها القوات النظامية في المناطق التي تعيد السيطرة عليها، وسط غياب شبه تام لأي مؤسسات رقابية أو قضائية مستقلة. تقارير حقوقية سابقة وثقت حالات تعذيب، إعدامات ميدانية، واعتقالات دون مسوغ قانوني، وهو ما يعيد إلى الأذهان أسوأ مراحل القمع في تاريخ البلاد.
ما يفاقم الوضع هو الصمت المريب من الجهات الرسمية، إذ لم تصدر أي بيانات توضح ملابسات وفاة نيازي صالح، ما يعزز الشكوك حول وجود تواطؤ أو تستر متعمد.
دعوات للمحاسبة والتدخل الدولي
منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية عبّرت عن صدمتها من الحادثة، ووصفتها بـ”الانتهاك الفاضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات مناهضة التعذيب”، داعية إلى إجراء تحقيق شفاف ومستقل بإشراف جهات دولية. كما دعت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى التدخل العاجل لحماية المدنيين في مناطق النزاع ووقف الجرائم المرتكبة باسم الدولة.
في الوقت الذي تواجه فيه السودان أزمة سياسية وأمنية خانقة، يسلّط مقتل نيازي صالح، الضوء على الكلفة البشرية الباهظة التي يدفعها المواطنون الأبرياء في ظل غياب القانون، وانفلات الأجهزة الأمنية، واستمرار سياسة الإفلات من العقاب.