الأخبار

نيالا تتحول إلى عاصمة سياسية بديلة: تحالف «تأسيس» يعيد ترتيب خارطة السلطة في دارفور

ثلاث مدن تتقاسم الوزارات السيادية استعدادًا لإعلان الحكومة الموازية

نيالا | برق السودان

في خطوة لافتة تعكس ملامح تحول سياسي كبير في السودان، بدأ “تحالف تأسيس” بقيادة قوات الدعم السريع ترتيبات إدارية ولوجستية واسعة بمدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، تمهيدًا لإعلان حكومة موازية يُتوقّع أن تشكل بديلاً فعليًا لحكومة بورتسودان.

إعادة تأهيل موسّعة لمؤسسات الدولة في نيالا

شهدت مدينة نيالا خلال الأيام الماضية نشاطًا مكثفًا لإعادة تأهيل عدد من المقار الحكومية التي كانت مهملة أو متضررة، على رأسها أمانة حكومة الولاية، بيت الضيافة، ومنازل كبار المسؤولين. كما شملت الأعمال مقار وزارات الزراعة والتخطيط العمراني، وهيئة الإذاعة والتلفزيون، ومراكز خدمية وصحية عديدة.

وتهدف هذه الخطوة إلى تهيئة البنية التحتية لاستقبال حكومة تأسيس المرتقبة، وتوفير بيئة عمل جاهزة لوزرائها وموظفيها. كما تم تفعيل سوق نيالا الكبير وتشغيل بعض الصرافات، في مؤشر على محاولة تأسيس نظام مالي يعمل خارج سيطرة الدولة المركزية في بورتسودان.

تقاسم الوزارات السيادية بين نيالا والجنينة والضعين

وفقًا لمصادر مطلعة، لن تقتصر مقار الحكومة الموازية على نيالا وحدها، بل سيجري توزيع الوزارات السيادية على ثلاث مدن كبرى في دارفور:

• نيالا ستستضيف رئاسة مجلس الوزراء وبعض الوزارات الخدمية.

• الجنينة ستحتضن بعض الوزارات السيادية، خاصة الدفاع والعلاقات الخارجية.

• الضعين ستكون مقرًا لوزارات ذات طابع اقتصادي أو داخلي، كالتجارة والداخلية.

هذا التوزيع يأتي في إطار استراتيجية ترسيخ الأمر الواقع على الأرض، وتأكيد أن الحكومة الجديدة ليست مجرد كيان رمزي، بل كيان إداري فعلي له مؤسساته المنتشرة في عمق الإقليم.

ملامح الهيكل السياسي للحكومة القادمة

الحكومة المنتظرة تتكون من مجلس سيادة بـ15 عضوًا:

• 8 منهم يمثلون الأقاليم بحكم مناصبهم.

• 7 يتم اختيارهم من قبل القوى السياسية المنضوية تحت تحالف “تأسيس”.

وإلى جانب المجلس، سيتم تعيين رئيس وزراء يقود حكومة تنفيذية بكامل صلاحياتها، على أن يتم إعلان أسماء الحكومة في غضون أسابيع قليلة، وسط تكتم شديد حول هويات المرشحين الرئيسيين.

دارفور مركز الثقل الجديد

اختيار دارفور – لا سيما نيالا – كمقر رئيسي للحكومة الموازية، يحمل دلالات سياسية عميقة، إذ يعكس انتقال مركز الثقل من الخرطوم إلى الإقليم الغربي الذي ظل لعقود طويلة مهمشًا. كما يُفهم منه أنه رد مباشر على عجز الحكومة المركزية في بورتسودان عن بسط سلطتها على الأرض، مع تمدد نفوذ الدعم السريع وتحالفاته المحلية.

ردود الأفعال والقلق الإقليمي

حتى الآن، لم تصدر مواقف رسمية من القوى الإقليمية أو الدولية حيال هذه الخطوة. غير أن مصادر دبلوماسية تشير إلى أن هناك قلقًا متزايدًا من تحوّل الصراع السوداني إلى حالة “تشظٍ حكومي”، ما قد يعقّد أي مساعٍ تفاوضية مستقبلية ويقود إلى واقع سياسي مشابه لما جرى في ليبيا واليمن.

الإجراءات التي تشهدها نيالا حاليًا لم تعد مجرّد “تهيئة إدارية”، بل تمثل بداية فعلية لإعادة رسم خارطة السلطة في السودان. ومع دخول الجنينة والضعين على خط الوزارات، يبدو أن تحالف “تأسيس” يتجه بثقة نحو فرض واقع جديد، من قلب دارفور، بعيدًا عن الخرطوم وبورتسودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى