الأخبارتقارير

هروب قيادات النظام السابق إلى تركيا: تخطيط مشترك بين البرهان وعلي كرتي

تقرير | برق السودان

خلفية الهروب

هربت قيادات الصف الأول من النظام السابق في السودان إلى تركيا، بتخطيط وترتيب مشترك بين عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وعلي كرتي، قائد الحركة الإسلامية. ووفقًا لتقارير موثوقة، شمل هذا الهروب شخصيات بارزة مطلوبة من قبل محكمة الجنايات الدولية، مثل عمر البشير، أحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين.

لم يكن البرهان، يكذب عندما كان يكرر عبارته الشهيرة منذ سقوط نظام الإخوان المسلمين بأن “قيادات النظام السابق في مكان آمن”. فبعد تهريب أحمد هارون، وعوض أحمد الجاز، وكمال عبداللطيف، وصل المجرم نافع علي نافع، إلى تركيا وظهر بصحبة إبنه “محمد”. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر رئيس الوزراء السابق معتز موسى، مساعد المخلوع فيصل حسن عبدالله، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات محمد عطا المولى، من أوائل الهاربين إلى تركيا.

طرق الهروب وتوفير الضمانات

كل هؤلاء القادة حصلوا على ضمانات تتيح لهم ممارسة العمل السياسي دون أي مضايقات. على سبيل المثال، تمكن معتز موسى، من الهروب إلى تركيا بمعية عائلته في السادس من أغسطس الماضي، بعد أن قدمت له ضمانات بممارسة العمل السياسي دون وصايا أو مضايقات. هرب موسى من السودان عبر الحدود الشرقية متجهاً إلى إثيوبيا ومنها إلى تركيا. بينما اتجه مساعد الرئيس المخلوع فيصل محمد إبراهيم، إلى تركيا عبر الحدود التشادية.

قيادات الحركة الإسلامية السودانية
قيادات الحركة الإسلامية السودانية “الكيزان”

مصدر أموال الكيزان في تركيا

كشف مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السودانية لـ برق السودان – رفض الكشف عن هويته – عن قيام مبارك أردول، المدير العام السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية، وعدد من رجال أعمال سودانيين مقربين من عبدالفتاح البرهان، الأطنان من ذهب السودان كان أخرها 7 أطنان من الذهب من بورتسودان إلى تركيا عبر طائرة خاصة في 28 ديسمبر 2023. تم تنسيق هذه العملية مع رجلي الأعمال الأتراك أوكتاي وأيوب أوغلوا، لتسهيل الإجراءات.

استبق قادة الكيزان الهروب بإيداع مبالغ كبيرة لدى البنوك التركية، وشراء عقارات باهظة الثمن في العاصمة أنقرة، مما مكنهم من الحصول على إقامة دائمة في تركيا.

العلاقة بين البرهان والحركة الإسلامية

تتحكم الحركة الإسلامية السودانية بقيادة علي كرتي في قرارات عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي. يدين البرهان، بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين، التي قدمته للساحة السياسية عقب سقوطهم، لتمهيد الطريق لتنفيذ مخططاتهم. تعتبر أسرة البرهان المقيمة في تركيا رهينة لدى الجماعة، التي لا تتوانى في إرسال الرسائل الواضحة إذا حاد البرهان عن تنفيذ بعض قراراتهم.


تحالف بين البرهان والجماعات السياسية المتشددة
تحالف بين البرهان والجماعات السياسية المتشددة

حادثة نجل البرهان: رسالة واضحة

من بين هذه الرسائل، كانت حادثة نجل البرهان، “محمد” الذي أصيب في حادث سير خطير بتركي في شهر أبريل وتوفي بأحد مستشفيات أنقرة بعد عدة أسابيع قضاها في العناية المركزة. بعد أن سقط عندما اصطدم بمركبة كانت أمامه أثناء قيادته دراجته النارية عند تقاطع جامعة إنسيك أتليم بأنقرة.

أرسل هذا الحادث رسالة قوية للبرهان بعد أن عقد شمس الدين الكباشي مفاوضات في البحرين دون علم الجماعة. تعتبر هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية الجماعة للتحكم في البرهان وضمان تنفيذ مخططاتهم.

الدراجة النارية التي كان يمتطيها ابن البرهان عند وقوع حادث السير في أنقرة (مواقع التواصل)
الدراجة النارية التي كان يمتطيها ابن البرهان عند وقوع حادث السير في أنقرة (مواقع التواصل)

هدف الهروب إلى تركيا

إذا لم تكن قد قدمت لرموز النظام السابق ضمانات أمنية لما ذهبوا إلى تركيا. تسعى تركيا لأن تكون السودان بوابتها الرئيسية في أفريقيا، مقابل الدعم السياسي والعسكري للبرهان وجماعة الإخوان المسلمين في السودان. يهدف هذا الترتيب إلى إفشال مفاوضات جنيف التي نصت تفاهماتها الأولية في جدة على القبض على رموز النظام السابق الفارين من السجون وتسليم المطلوبين منهم للعدالة في لاهاي.

قصور البرهان والكيزان في تركيا
قصور البرهان والكيزان في تركيا

تأثيرات الهروب على المشهد السياسي

يظهر من هذه الأحداث أن الهروب المنظم لقيادات النظام السابق إلى تركيا لم يكن مجرد فرار من المحاسبة، بل هو جزء من ترتيب سياسي أكبر يهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق في السودان، وضمان استمرار نفوذ جماعة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية السودانية. تتحرك هذه الجماعات بخطط مدروسة لضمان بقاء نفوذها في البلاد، حتى لو كان ذلك على حساب القانون والعدالة الدولية.

الدور التركي في الأزمة السودانية

تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في السودان من خلال دعم البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، وذلك لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في أفريقيا. يظل الدور التركي في تهريب الذهب وتوفير الملاذ الآمن لقيادات النظام السابق موضع تساؤل، مما يثير العديد من الأسئلة حول التواطؤ الدولي في القضايا السودانية.

يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرة المجتمع الدولي على فرض العدالة، وضمان عدم الإفلات من العقاب لمن تورطوا في الجرائم ضد الإنسانية والفساد.

مواد ذات علاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى