اعتقال محامي الدفاع عن قادة «تقدم» في بورتسودان يثير الجدل حول استقلالية القضاء
بورتسودان | برق السودان
في خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول الوضع القانوني والسياسي في السودان، أعلنت هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات أن الأجهزة الأمنية في بورتسودان، شرقي السودان، قامت باعتقال المحامي منتصر عبد الله، ممثل الدفاع عن قادة “تقدم”، وذلك بعد تقديمه طلباً لمراجعة يومية التحري في قضية البلاغ رقم 1613/2024، الموجهة ضد الدكتور عبدالله حمدوك وعدد من القادة السياسيين. هذا الاعتقال جاء وسط تصاعد التوترات السياسية والاضطرابات الأمنية في السودان.
خلفية البلاغ رقم 1613/2024 والاتهامات الموجهة لحمدوك والقادة السياسيين
البلاغ رقم 1613/2024 يعد من القضايا البارزة التي تشغل الساحة السياسية السودانية في الوقت الراهن، حيث يوجه اتهامات خطيرة إلى الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني السابق، وعدد من القادة السياسيين الذين ينتمون إلى تيار “تقدم”. تتعلق هذه الاتهامات بقرارات وسياسات اتخذوها خلال فترة توليهم السلطة، والتي يراها البعض مناوئة لمصالح البلاد أو تتسبب في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
البلاغ جاء في إطار تصاعد حدة الصراعات السياسية بين مختلف الأطراف في السودان، حيث شهدت البلاد في السنوات الأخيرة حالة من الاضطراب السياسي المستمر نتيجة لعدم التوصل إلى توافق بين العسكريين والمدنيين على الحكم، ما دفع بعض القوى السياسية إلى توجيه اتهامات للقيادات السابقة. ويتزامن ذلك مع استمرار الانتقال الديمقراطي الهش الذي بدأ بعد الإطاحة بنظام البشير في 2019.
اعتقال المحامي منتصر عبدالله: هل هو إجراء قانوني أم تصعيد سياسي؟
اعتقال المحامي منتصر عبدالله، الذي يمثل الدفاع عن المتهمين في البلاغ، أثار تساؤلات حول مدى استقلالية القضاء وسلامة الإجراءات القانونية في هذه القضية. وفقاً لبيان هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات، قدم المحامي طلباً لمراجعة يومية التحري، وهو إجراء قانوني معتاد يهدف إلى مراجعة الأدلة المقدمة ضد المتهمين. إلا أن هذا الطلب قوبل باعتقال المحامي، وهو ما اعتبرته الهيئة تعدياً على حقوق الدفاع وخرقاً للقوانين التي تحمي المحامين أثناء أداء مهامهم.
هذا الاعتقال يثير المخاوف من تسييس القضاء في السودان، خصوصاً في ظل المناخ السياسي المتوتر الذي تشهده البلاد. حيث يعتبر بعض المراقبين أن هذه الخطوة قد تكون محاولة من السلطات للضغط على المحامين أو التأثير على مجرى القضية، مما يضع تساؤلات حول نزاهة العملية القضائية.
ردود الفعل القانونية والسياسية على اعتقال منتصر عبدالله
من جانبها، أدانت هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات هذا الاعتقال، مطالبةً بالإفراج الفوري عن المحامي منتصر عبدالله وضمان حماية حقوق المحامين. كما دعت الهيئة إلى الالتزام بالمعايير القانونية الدولية التي تضمن استقلالية القضاء وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
على الصعيد السياسي، اعتبرت بعض القوى المعارضة أن هذه الخطوة تمثل تصعيداً غير مقبول من قبل السلطات الأمنية، وهددت باتخاذ إجراءات تصعيدية إذا لم يتم الإفراج عن المحامي في أقرب وقت. وفي المقابل، التزمت الحكومة السودانية الصمت حتى الآن، مما زاد من حالة الغموض المحيطة بالقضية.
الوضع الأمني في بورتسودان: دور الأجهزة الأمنية وتأثيرها على الاستقرار
يأتي اعتقال منتصر عبدالله في وقت حساس تشهده بورتسودان، حيث تشهد المدينة توترات أمنية نتيجة للصراعات القبلية والسياسية المتزايدة في شرق السودان. هذه التوترات أدت إلى تدخل الأجهزة الأمنية لمحاولة السيطرة على الأوضاع، ولكن يبدو أن دور هذه الأجهزة أصبح أكثر تعقيداً مع تورطها في القضايا السياسية.
الوضع في بورتسودان يعكس جزءاً من المشهد السوداني الأوسع، حيث تعاني البلاد من أزمات متعددة تتراوح بين الصراعات القبلية، والتوترات السياسية، والانهيار الاقتصادي، ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً ويزيد من خطر انزلاق السودان إلى دوامة من العنف وعدم الاستقرار.
أهمية حماية حقوق الدفاع وسيادة القانون
في هذا السياق، يشدد المراقبون على ضرورة حماية حقوق المحامين وضمان حق المتهمين في الحصول على دفاع قانوني نزيه وعادل. انتهاك هذه الحقوق، سواء كان ذلك من خلال اعتقال المحامين أو التضييق على عملهم، يمثل خرقاً صارخاً لسيادة القانون ويهدد بانهيار النظام القضائي في البلاد.
ينبغي على السلطات السودانية مراجعة هذا الاعتقال وضمان احترام الإجراءات القانونية المتبعة، حيث أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في النظام القضائي وزيادة الانقسامات السياسية في البلاد.